الرئيسية / عربي ودولي / فرنسا تسعى لإنقاذ منطقة شينغن

فرنسا تسعى لإنقاذ منطقة شينغن

القرار

وسط تصاعد الأصوات المُطالبة بحصر تطبيق اتفاقية شنغن على مواطني دول الاتحاد الأوروبي فقط، كشفت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي عن انتشار ظاهرة تنقّل اللاجئين الذين تُرفض طلباتهم بسهولة في دول الاتحاد الأوروبي، مُشككة في “الاختلالات في منطقة شينغن”.

ووفقاً لوزارة الداخلية، فإنّ ما يقرب من نصف طالبي اللجوء الذين قدّموا طلباتهم في فرنسا، سبق وأن قدّموا طلبات أخرى بالفعل في دول أخرى في أوروبا، حيث كان ما يقرب من 500 ألف من طالبي اللجوء المرفوضين يُسافرون من بلد إلى آخر في منطقة شينغن. وسجّل الاتحاد الأوروبي 8 ملايين طلب لجوء أوّل بين عامي 2013 و2023. ويتواجد في فرنسا حالياً حوالي 900 ألف مهاجر غير شرعي، نتيجة للتدفقات المُتزايدة باستمرار.

وفي هذا الصدد، قدّم مرصد الهجرة والديموغرافيا الفرنسي لدول منطقة شينغن، مجموعة من المُقترحات والآليات لإنقاذ فضاء شينغن الأوروبي في ظلّ فشل السيطرة على تدفقات الهجرة، مُطالباً بضرورة إجراء إصلاح شامل على أسس واقعية.

حرية التنقّل للأوروبيين فقط
وأكد مدير المرصد، نيكولاس بوفريو مونتي، بأنّ إعادة بناء منطقة شينغن على أسس سليمة وواقعية سوف تُمكّن من الحفاظ على حرية التنقّل للأوروبيين في عبور الحدود الداخلية، وهو ما يشكل إنجازاً جديراً بالتقدير للبناء الأوروبي، على الأقل ما دامت مزاياه تفوق سلبياته.

وكان الطموح الأصلي لمنطقة شينغن التي نشأت فعلياً في مارس (آذار) من عام 1995، بين 7 دول في البداية، إيجابياً من حيث المبدأ، وهو تنظيم وتسهيل حرية حركة مواطنيها داخل هذه المنطقة. ومن المهم التأكيد على أنّ الاتفاقية المذكورة استهدفت مواطني الدول الأعضاء في الجماعة الأوروبية. ومن الناحية الرسمية، لم يكن الأجانب مشمولين بهذا الإلغاء التدريجي للحدود المشتركة، حتى لو كان بإمكانهم في الواقع الاستفادة منها.

والعام الحالي، أعلن الاتحاد الأوروبي رسمياً انضمام رومانيا وبلغاريا إلى منطقة شنغن، ليبلغ عدد الأعضاء 29 دولة، منها 25 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، بالإضافة إلى سويسرا والنرويج وآيسلندا وليختنشتاين. وهددت عدّة دول بتطبيق آليات مُراقبة مُنفصلة لحدودها فيما لم يتم وضع ضوابط لتقييد حرية تنقل اللاجئين والمُهاجرين، وخاصة الأشخاص المُصنّفين كخطر إرهابي مُحتمل.

الآليات المُستهدفة
وكحدّ أدنى، يقترح مرصد الهجرة والديموغرافيا إخضاع المواطنين غير الأوروبيين لنظام التسجيل عند سفرهم، وبتعليق إصدار تأشيرات شنغن لمواطني الدول التي يكون تعاونها في إعادة قبول المهاجرين غير الشرعيين غير كاف.

ومن المهم بالنسبة للمرصد “إنقاذ منطقة شينغن”، عبر العودة إلى مبادئها التأسيسية من خلال الاحتفاظ بميّزة حرية التنقل للمواطنين الأوروبيين فقط، دون تطبيقها على مواطني دول ثالثة – أو أن تشمل فقط الأجانب حاملي تصريح الإقامة لمدة 10 سنوات أو أكثر.

وسيكون من المهم أيضاً وضع حدّ لتأشيرات شنغن للإقامة القصيرة، حيث لا يُسمح للأجنبي غير الأوروبي الذي حصل على تأشيرة لمدة تقل عن 90 يوماً في إسبانيا بالسفر بحرية إلى فرنسا أو ألمانيا أو هولندا، على سبيل المثال.

كما وينبغي بعد ذلك وضع نظام لمراقبة حركة مواطني الدول الثالثة، دون معاقبة المواطنين الأوروبيين، من خلال حشد تكنولوجيات الفحص الجديدة.

 

بوابة مفتوحة للهجرة غير الشرعية
ومع أنّ اتفاقية شنغن تُفيد المواطنين الأوروبيين فقط في جوهر تأسيسها، إلا أنّ المادة 77 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي تنصّ بالمُقابل على “ضمان عدم وجود أي سيطرة على الأشخاص، مهما كانت جنسيتهم، عندما يعبرون الحدود الداخلية”. وهو ما يعني حق الآخرين، “بغض النظر عن جنسيتهم”، في عبور الحدود الداخلية “في أي مكان دون إجراء عمليات تفتيش على الحدود”.

ومن الواضح أنّ هذه التسهيلات، وفقاً لمرصد الهجرة والديموغرافيا، تُشكّل نعمة للهجرة غير الشرعية، حيث يُمكن للأجانب من دول ثالثة الذين هم في وضع غير نظامي السفر دون عوائق محددة ضمن مساحة 4.3 مليون كيلومتر مربع، والتي تمتد من صقلية إلى البحر القطبي الشمالي ومن جزر الكناري إلى بولندا. وفي غياب أي إمكانية للسيطرة على الحدود الداخلية، تُصبح أوروبا عُرضة بشكل خاص لتدفقات الهجرة غير الشرعية التي لا تحميها منها إلا الحدود الخارجية، تحت ضغط شديد.

 

العقبات الحالية
وتُغذّي سهولة الحركة هذه تدفقات الهجرة “الثانوية”، بما في ذلك الأجانب الذين تمّ رفض حقّهم في اللجوء في إحدى دول الاتحاد الأوروبي والذين يذهبون إلى دولة عضو أخرى من أجل تقديم طلب لجوء جديد هناك.

وكما لخّصت لجنة برلمانية فرنسية “يوضح حجم حركات الهجرة الثانوية في أوروبا أوجه القصور الخطيرة في منطقة شنغن، حيث يتنقّل بعض المهاجرين من بلد إلى آخر للعثور على قاعدة، بعد أن حرموا من حقوقهم في دولة ما.

وتذهب القواعد الحالية المعمول بها إلى حدّ جعل أيّ محاولة للسيطرة السياسية على الهجرة القانونية محاولة وهمية. ويسمح تصريح الإقامة أو تأشيرة شنغن بالتنقل بحرية في جميع أنحاء منطقة شينغن، وهذا يزيد من عدد الطرق القانونية إلى أوروبا، والتي غالباً ما تكون ناقلة للهجرة غير الشرعية.

ولا تشمل العقبات الأساسية ذكر حالة التأشيرات التي تمّ الحصول عليها عن طريق الاحتيال أو الفساد. كما أنّه عندما يفشل السائح الحامل للتأشيرة في مُغادرة الأراضي الأوروبية خلال الوقت المحدد، يجد نفسه في وضع غير نظامي، دون أن تعرف السلطات المُختصّة فيما إذا كان قد بقي في الدولة التي أصدرت التأشيرة أو إذا انضم إلى دولة أخرى في منطقة شينغن.

استثناء من قواعد الاتحاد الأوروبي
وعلى صعيدٍ آخر، تعتزم السلطات الهولندية اتخاذ تدابير ملموسة لوضع قواعد الدخول واللجوء الأكثر صرامة على الإطلاق من أجل السيطرة على الهجرة. وتحسّباً للصراعات المستقبلية مع بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، أعلنت الحكومة أنها ستتبنى “بند عدم المُشاركة في سياسات اللجوء والهجرة الأوروبية” والذي سيتم تقديمه في أقرب وقت ممكن إلى المفوضية الأوروبية.

ومن أهم الإجراءات الجديدة، أنّ طالبي اللجوء الذين تمّ رفض طلبهم أو الذين لا يحملون أوراقاً، هم أيضاً في مرمى اهتمام الحكومة الجديدة، وسيتم طردهم في أقرب وقت ممكن، بما في ذلك بالقوة.

عن Tabarak Safwan

شاهد أيضاً

وزير خارجية إيران يصل إلى جدة

وصل وزير الخارجية الإيراني بالوكالة “علي باقري كني” إلى مدينة جدة السعودية للمشاركة في الاجتماع …