الرئيسية / عربي ودولي / الإجهاد المائي ينذر بتوترات في هذه الدول

الإجهاد المائي ينذر بتوترات في هذه الدول

القرار

في 16 يناير (كانون الثاني)، أعلنت وزارة الموارد المائية الصينية أن بكين استثمرت في 2022 أكثر من تريليون يوان (148 مليار دولار) في إدارة الموارد المائية، وهي زيادة هائلة بنسبة 44 في المائة عن العام السابق.
قد تزداد تدفقات اللاجئين من أماكن كالعراق وسوريا واليمن. ومن المرجح أن يزداد انعدام الأمن الغذائي في بلدان كالجزائر والمغرب وتونس
وفي مكان آخر، أشارت باكستان إلى ضرورة أن تصبح مشاريع إدارة الموارد المائية إحدى أولويات الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني لأنه يُتوقع أن تتحول باكستان بحلول 2025 إلى بلد يعاني من شح المياه. وقبل أسابيع، أكد مسؤول إيراني أن 270 مدينة وبلدة تعاني من نقص حاد في المياه، حيث تراجع منسوب المياه خلف السدود إلى مستويات منخفضة للغاية.
موجة جفاف
واضطرت المصانع في جنوب غرب الصين إلى تعليق عملها الصيف الماضي بعد تسبب موجة الجفاف التي سجلت رقماً قياسيّاً في جفاف بعض الأنهار في البلد، بما في ذلك أجزاء من نهر يانغتسي. كما تأثر توليد الطاقة الكهرومائية وحركة الشحن، واعتُبرت مقاطعة سيشوان في “وضع خطير” لأنها تولّد أكثر من 80% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة الكهرومائية.
وباكستان في وضع مماثل، حيث يشكل نهر السند مصدراً لتوليد أكثر من 17 غيغاوات من الطاقة الكهرومائية، ويوفر المياه لمنظومة ري حوض السند، التي تدعم أكثر من 90 في المائة من الإنتاج الزراعي في البلد. وقد تمخضت سوء إدارة المياه وسرعة النمو السكاني والجفاف والفيضانات عن حالة يرثى لها.
أزمة المناخ في إيران
وفي إيران، لعب المناخ شبه الجاف وتراجع هطول الأمطار على مدى العقد الماضي دورهما في الأزمة، لكن ربما تكون إدارة المياه عديمة الكفاءة بشكل مزمن منذ التسعينيات هي المشكلة الأكبر. وبعد ثورة 1979، استحدث النظام الحاكم الجديد سياسة الاكتفاء الذاتي وطنيّاً في مجال الغذاء، والتي تضمنت إنتاج ما يكفي من محاصيل أساسية لتلبية احتياجات البلد بدلاً من الاعتماد على الواردات. وتحقيقاً لهذه الغاية، صار الإنتاج الزراعي يعتمد على استخراج المياه الجوفية، ولم تتمكن مكامن المياه الجوفية بطيئة الملء من مواكبة العدد المتزايد من مستخدمي المياه وعمليات السحب.
ولعل هذه المشكلات ليست بالجديدة، لكنها كلها تزداد سوءاً، وفق أنتونيا كوليباسانو، باحثة في شؤون الاقتصاد العالمي والأمن الأوروبي ومديرة تحرير موقع “جيوبولتيكال فيوتشرز” في تحليل نشره موقع الأبحاث الأمريكي. وحقيقة أن هذه المشكلات مترابطة جغرافياً يعد صيحة تنبيه للبلدان الأخرى حول العالم التي تعاملت، أو ستتعامل قريباً، مع نقص مماثل في المياه وما يرتبط بذلك من عواقب.
والواقع أن المياه عنصر أساسي بالنسبة للجغرافيا السياسية لدرجة أنها غالباً ما تتعرض للتجاهل. وتلعب إمدادات المياه أدواراً حاسمة الأهمية في استدامة الحياة والزراعة والصناعة. ومستويات الإمداد نفسها يمكنها أن تتقلب بشكل كبير لأسباب خارجة عن سيطرة الحكومة. لكن نظراً للتهديد المتزايد الذي تشكله حالات نقص المياه والعواقب الناجمة عنها، أصبحت الحكومات أكثر عدوانية في اتخاذ الإجراءات الممكنة لضمان الإمدادات.
الخلاف التاريخي بين إثيوبيا ومصر
تقول الكاتبة: تاريخياً تنتهي الخلافات حول السيطرة على الموارد المائية بالعنف. ولعل الخلاف التاريخي بين إثيوبيا ومصر على مياه نهر النيل هو الخلاف الذي حظي بأكبر قدر من الاهتمام. وحتى في يومنا هذا، تدار إمدادات المياه في دونباس بحرص على كلا الجانبين، وفي خيرسون، كان فهم الطريقة التي يمكن بها قطع إمدادات المياه عن القرم عنصراً أساسياً لفهم القتال على الأرض.

وتضيف: علاوة على ذلك، كان الهجوم الروسي على محطة دنيبرو للطاقة الكهرومائية يهدف إلى قطع الكهرباء عن المنطقة في إطار الاستراتيجية الروسية الرامية إلى تعطيل البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا. وفي الحرب، تعتبر المياه سلاحاً وضحية في آن واحد.
لكن المياه ليست سوى جزءاً من المعادلة. فموجات الجفاف في عام 2022، التي أعقبها الشتاء الأكثر دفئاً منذ سنوات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، أثارت قلق الكثير من الحكومات هذا العام مع تبلور الآثار اللاحقة لنقص المياه.
وقد تتفاقم أزمة الغذاء المحتملة، التي جاءت في البداية نتيجة أزمة الطاقة في العام الماضي. وسيكون التأثير أكبر في أماكن كأفريقيا والشرق الأوسط، حيث يشكل شح المياه مصدر قلق دائم، حسب الكاتبة.

وقد تزداد تدفقات اللاجئين من أماكن كالعراق وسوريا واليمن. ومن المرجح، وفق الكاتبة، أن يزداد انعدام الأمن الغذائي في بلدان كالجزائر والمغرب وتونس. ونظراً لأنه ليس واضحاً مقدار المواد الغذائية الذي سيكون متاحاً للتصدير من كبار المنتجين مثل روسيا وأوكرانيا في 2023، فإن البلدان ذات الإنتاج المحلي المحدود لديها أسباب أكثر تدعوها للقلق، خاصة وأن مواطنيها يزدادون تململاً واضطراباً.
لكن حتى بالنسبة للقوى الكبرى كالصين وباكستان وإيران، فالأرجح أن تزداد الأمور سوءاً قبل أن تتحسن، وهذه الثلاث تتعامل بالفعل مع ضائقة اجتماعية واقتصادية. وليس معروفاً مدى ما ألحقته جائحة كوفيد-19 من أضرار بالاقتصاد الصيني، لكنه ليس قليلاً، حيث ترسم التقارير صورة قاتمة بشكل خاص لبطالة الشباب. (هذا ناهيك عن المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الصين بشكل مستقل عن الجائحة).
الإجهاد المائي
وتشهد باكستان أسوأ أزمة اجتماعية سياسية منذ سنوات. وتورطت إيران في احتجاجات كبيرة منذ بعض الوقت. والتضخم مرتفع في البلدان الثلاثة، وكذلك الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن انعدام المساواة الطبقية. ويمكن أن تسفر إضافة الإجهاد المائي إلى ما سبق عن جعل الأمور أكثر قابلية للانفجار.
ومن المرجح أن يكون لازدياد حالة انعدام الاستقرار في أي من اللاعبين الثلاثة الكبار تأثير غير مباشر في الشرق الأوسط وما وراءه. ومن المؤكد، وفق الكاتبة، أن حدوث اضطراب في باكستان وإيران في الوقت نفسه سيدفع تركيا والمملكة العربية السعودية إلى الشعور بالتوتر.
وما يحدث في الصين (وهي من أكبر مستهلكي الموارد في العالم ومن أكبر محركاته الاقتصادية) مهم لسائر دول العالم. وسيؤدي إغلاق المصانع بسبب نقص المياه في الصين بعد الجائحة إلى حدوث صدمات جديدة في سلسلة الإمداد تؤثر على كل من أوروبا والولايات المتحدة، وليست أي منهما بمعزل بشكل كافٍ عن ماكينة الإنتاج الصينية لكي تتجاهل مثل هذه الصدمات.
وكلتاهما لديها مشاكلها الخاصة في مجال المياه التي يلزمها التعامل معها. وأطلق انخفاض مستويات المياه في نهر الراين أجراس إنذار لحركة الشحن الداخلي الأوروبية العام الماضي، وسيؤدي حدوث مزيد من الانخفاضات على الأرجح إلى عرقلة النشاط الاقتصادي في أوروبا الغربية.
وفي العام الماضي، أجبر شح المياه الحكومة الأمريكية على الحد من عمليات إطلاق المياه في الولايات الغربية. ولو ساءت الأمور سيُضطر واضعو السياسات في الولايات المتحدة إلى الاختيار بين عمليات إطلاق المياه وتوليد الكهرباء والإنتاج الصناعي والغذائي من ناحية والمحافظة على المياه من ناحية أخرى.
البحث عن حلول سريعة
إن المياه محدودة، تقول الكاتبة، وبالتالي فمن الواضح أن الشواغل بشأن استخدامها وتوزيعها ستزداد مع تضاؤل الاحتياطيات. وفي ظل ازدياد الضغط من المواطنين، ستبحث الحكومات عن حلول سريعة. فإذا كان الحل في بلد ما يأتي على حساب بلد آخر، فستنشأ توترات حتماً، وربما بشكل عنيف.
وكل حكومة ستدير الوضع – أو تحاول إدارته – بشكل مختلف. وفي البلدان الفقيرة، قد تواصل الميليشيات القتال على المياه، وأما في البلدان الأكثر ثراء، فسيدور نقاش حول السياسات الجديدة المعنية باستخدام المياه وربما التكنولوجيات الجديدة للمحافظة على البنية التحتية المائية وتحسينها. وبشكل عام، يسلط الإجهاد المائي الضوء على تحدٍّ اجتماعي اقتصادي آخر يحتاج العالم إلى التصدي له قبل أن يتفاقم، حسب تحذير الكاتبة.

 

 

فيس بوك

https://www.facebook.com/%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-103599085449680

انستغرام

https://instagram.com/alqarar_iq

الموقع الالكتروني

Www.alqararaldawlia.com

عن Tabarak Safwan

شاهد أيضاً

وزير خارجية إيران يصل إلى جدة

وصل وزير الخارجية الإيراني بالوكالة “علي باقري كني” إلى مدينة جدة السعودية للمشاركة في الاجتماع …