الرئيسية / اخبار منوعة / لعب الكريكت أيام الآحاد متنفّس العمال المهاجرين في لبنان

لعب الكريكت أيام الآحاد متنفّس العمال المهاجرين في لبنان

القرار

في موقف للسيارات في بيروت، يشجّع عمال مهاجرون، فرقاً تتنافس في دوري رياضة الكريكت، إحدى الفرص القليلة التي توفر لهم ترفيهاً وراحة، في بلاد تعاني أزمات اقتصادية واجتماعية.

وتقول السريلانكية براديبا سيلفا، التي تعمل ستة أيام في الأسبوع لتوفير قسط جامعة ابنتها في بلدها: “العمل متعب للغاية”، ويسبّب الكثير من القلق والتوتر.

لكن “في أيام الآحاد، نشعر بالسعادة.. نأكل معاً ونضحك سوياً”، وتحدثت وهي تعد وزميلاتها الأرز مع جوز الهند وسواه من الأطباق التقليدية داخل شقة مجاورة للموقف.
كل أحد، يجتمع عمال مهاجرون، غالبيتهم من سريلانكا، ودول أخرى بينها الفيليبين، والهند، وباكستان، في موقف للسيارات في أحد أحياء منطقة الأشرفية في شرق بيروت، للعب الكريكت، وهي رياضة غير معروفة على نطاق واسع في لبنان، حيث تتصدر كرة السلة، وكرة القدم.
تجمّع المئات في نهاية الأسبوع الماضي لمزاولة اللعبة، والاستمتاع بأطباق تقليدية على وقع موسيقى متنوعة ومشاركة خاصة من فرق من السفارتين البريطانية والسريلانكية ومن اللاجئين السوريين.
وشاركت العاملة في الخدمة المنزلية الفليبينية إيريس ساغاريو، في المنافسة ضمن فريق، بقميص بالأزرق والبرتقالي، طبع اسمها على جهته الخلفية.
وتقول: “أحب الكريكت ومتحمسة بشدة للعب كل أحد”، وهو يوم إجازتها أسبوعياً.
ومع فوز فريقها بالمباراة وكأس السيدات، عانقت اللاعبات بعضهن مطولاً وتبادلن التحية فرحاً.

دعم عائلتي
يوجد في لبنان أكثر من 160 ألف عامل مهاجر يتحدرون من 84 دولة، وفق تقرير المنظمة الدولية للهجرة العام الماضي.
ورغم أن سفارات عدّة نصحت رعاياها بمغادرة لبنان في ظل القصف المتبادل عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل على وقع الحرب المستمرة في غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إلا أن ساغاريو فضّلت البقاء.
وتوضح “في البداية شعرت بالقلق”، لكن رب العمل طمأنها على أن “كل شيء على ما يرام”.
وتضيف العاملة التي كانت في لبنان خلال الحرب المدمّرة بين حزب الله وإسرائيل في 2006 “قررت البقاء لأني لا أعرف ماذا سأفعل إذا غادرت إلى الفيليبين”، متابعة “أودّ تقديم الدعم المادي لعائلتي”.

خلال المباريات، يتوقف مارة فضوليون لمتابعة ما يجري، ويسترقون النظر من أعلى جدار حجري حول موقف السيارات.
ويشرح فرناندو سوغاث، المتحدر من سريلانكا وهو أحد منظمي الدوري، أن بعض اللاعبين يطلقون على الموقف اسم “لوردز لبنان”، تيمناً بنادٍ شهير للكريكت في لندن، باعتباره “موطن لعبة الكريكت” في لبنان منذ أكثر من عقدين.
وتوقف تنظيم المباريات خمس سنوات، وفق سوغاث، بعد تعذّر الحصول على إذن لاستخدام المكان. لكن اللاعبين عاودوا ممارسة رياضتهم المفضلة في 2022، موضحاً أن فريقه بدّل اسمه إلى “نادي القديس يوسف للكريكت”، عربون امتنان لكنيسة القديس يوسف المجاورة، التي ساعدتهم في الحصول على الإذن.

مثل الإخوة
ويرى سوغاث الذي جاء إاى لبنان في 1996 ويعمل حالياً مساعداً إدارياً، أن لاعبي الكريكت من العمال المهاجرين “محظوظون للغاية لأن لديهم أصحاب عمل جيدون يتيحون لهم أخذ إجازة يوم الأحد”.
ويناشد أصحاب العمل الآخرين منح العمال “ساعة راحة واحدة على الأقل أو اثنتين أيام الآحاد”، مضيفاً “دعوهم يتمتعون ببعض الحرية ويستخدمون هواتفهم للتحدّث إلى عائلاتهم”.
ويتعرض العمال الأجانب، والعديد منهم من العاملات في الخدمة المنزلية، لأشكال مختلفة من الاستغلال وسوء المعاملة، بينها الإجبار على العمل ساعات طويلة والحرمان من الإجازات الأسبوعية، ومن الأجور أحياناً، والأذى الجسدي والنفسي. ولطالما انتقدت منظمات حقوقية نظام الكفالة في البلاد الذي يمنح أصحاب العمل “سيطرة شبه كاملة” على حياة العمال.
خلال المباريات، تعلو هتافات التشجيع بينما يجري لاعبون للإمساك بالكرة.

يقود الباكستاني ماجد ساتي “الإخوة الأحد عشر” المؤلف من 5 لاعبين من بلاده و6من الهند. وحلّ فريقه في المرتبة الثانية في دوري الرجال.
ويوضح الرجل الذي وصل إلى لبنان منذ 15 عاماً ويعمل حارس مبنى، أنه على رغم العلاقة المتوترة بين البلدين حيث للكريكيت شعبية واسعة، لكن “ليس لدينا أي مشكلة. نحن هنا مثل الإخوة”.
ويؤكد نائب قائد الفريق راجو سينغ، الهندي الجنسية، أن اللاعبين “لا يفكرون أبداً” في السياسة.
وكان سينغ في عداد الحكام في المنافسة ومن بين المسؤولين عن رمي عملة معدنية قيمتها 500 ليرة لاختيار الفريق الذي يرمي الكرة أولاً أو يتلقاها.
وبعدما كانت قيمتها تعادل 35 سنتاً من الدولار حتى 2019، باتت الآن تساوي أقل من سنت واحد على وقع انهيار اقتصادي يعصف بلبنان، منذ أكثر من أربع سنوات، ودفع أصحاب عمل كثر إلى التخلي عن العاملين الأجانب، الذين غادر عدد منهم البلاد.
يجتاز سينغ نحو ثلاثين كيلومتراً لبلوغ موقف السيارات لممارسة هوايته. ويقول: “عندما ننتهي ونعود إلى المنزل، ننتظر الأحد المقبل”.

عن Tabarak Safwan

شاهد أيضاً

علاج جديد لعلاج الصلع الوراثي

قام علماء من جامعة شيفيلد في بريطانيا، بتطوير عقار على شكل جل، مكون من حمض …