القرار
افتتح وزير التسامح والتعايش، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، المعرض التشكيلي الأول لأستاذ العود العربي الفنان الدكتور نصير شمة، والذي استضافه غاليري الاتحاد في أبوظبي، يوم السبت الماضي.
حضر الافتتاح رئيس مركز أبوظبي للغة العربية الدكتور علي بن تميم، وحشد من المسؤولين والمبدعين في قطاعات المال والأعمال والثقافة والفنون، إضافة إلى متذوقي الفنون التشكيلية من الجمهور والنقاد من محبي الفنان وأصدقائه.
وصرح الدكتور علي بن تميم: “تجمعني والموسيقار العراقي نصير شمّه ثلاثة أشياء: صداقة عمرها سنوات طويلة، والموسيقى، والفروسية، فالخيل الذي اصطاد صهيله وحركته وموسيقاه الداخلية في مقطوعته الشهيرة “رقصة الفرس”، هو جزء من يومي ورياضتي، ولم يجانب الصواب خالد صديق المطوع مؤسس غاليري الاتحاد للفن الحديث عندما وصف نصير شمه بأنه “صقر قريش” لأنه استطاع في تحدّ شيق أن يحول الألوان إلى موسيقى، وإن كانت الحضارة البابلية تشكل جوهر روح نصير شمه والمقامات الأندلسية طريقه، فإنه في أبوظبي قد جسّد روعة العلاقة الفذة بين الموسيقى والتشكيل من جهة وبين بابل والأندلس من جهة أخرى لتجمعنا اليوم في أفق جديد من الاستدامة في حب الفن التشكيلي العابق بالموسيقى”.
وأكد القيّمان الفنيان صلاح حيثاني وتمارا أنباري على أهمية المعرض ومحورية دوره في تكامل التجربة الإبداعية لنصير شمة، حيث قال صلاح حيثاني: “أعمال شمّه نوع من السيرة الداخلية، إنها طريقته للنظر الى العالم والانتماء الى أحداثه وفيوضاته اليومية، فسطوحه التي يعكف على إنجازها بحذق على شكل بؤر مضرّسة ومتراكبة عضويا ليست في حقيقة الأمر سوى انفعالاته الشخصية ورعشة روحه وطريقته في البوح”، بينما أكّدت تمارا أنباري على أنّ الناظر في أعمال نصير يشعر أنه يقف أمام حياتين وعالمين، كلاهما بنفس القوة والأصالة والشغف، الموسيقيّ والتشكيليّ معا”.
وذكر الفنان والناقد هاشم تايه أنّ “مجموعة لوحات الفنّان نصير شمّة تعكس إحساساً عميقاً بالتّناغم الكونيّ الذي يعمّ الوجود، ويسري في الموجودات، رقيقاً، حانياً، في حياةٍ كامنة وراء الحسّ، تنتظم وحداتُها التي تُشبه (مونادات) لايبتنز، وتتفاعل، في انسجامٍ كلّيٍّ، داخل تكوينٍ ملتحمٍ ببعضه حيث يبدو نصير شمه في عمله وكأنه كشط جلداً، وجرّد مادّةً من قشرتها، وأطلعنا على ما يجري تحتهما من تفاعلاتٍ حيّة لا يقرّ لها قرار بين وحدات الوجود البدئيّة التي تمثّل جوهره الغائر في حياةٍ يسودها التناغم، والانسجام”.
وقال الفنان والناقد الدكتور شوقي الموسوي: “اشتغل نصير شمّه على أبجديات الخيال بين الصوت واللون، عندما قطع الصلة تماماً بالطبيعي والواقعي فُقدم تكوينات لونية مُجردة تماماً تناهض التمثيل والتقليد؛ بوصف أنّ خيال الفنان متعلق بالأفكار المثالية والدلالات المنتمية الى عالم التعبيرية التجريدية ومدرسة نيويورك على وجه الخصوص، التي تعتمد ضربات الفرشاة قانوناً للتشكيل والتبقيع، يحاول شمّه أن يرتقي بالرسم الى مستوى الموسيقى، من خلال التقريب أو الجمع مابين المرئي (اللون) والمخفي (الصوت) في صناعة نتاجه الفني، على وفق قوانين التجريد والتجريب”.
ومن الإمارات ذكرت الفنانة ومصممة المجوهرات عزة القبيسي:”وضع الفنان نصير شمّه بصمته كموسيقار عالمي في عمله التشكيلي ببراعة كبيرة من خلال استخدامه خامات ورشته في صناعة الأعواد وأتقن توزيع الكتل وصقلها والتعامل معها بذكاء حاد، مما أسهم في خلق لوحة فنية محكمة تضاريسها تحكي تفاصيل أحاسيس مليئة بالقصص الموسيقية والفنية”.
وأوضح الفنان والناقد الدكتور عاصم الأمير: أنه “ثمة لذائذ خفية هي التي تغوي نصير شمة نحو مديات الرسم لكأن الموسيقى لوحدها لا تكفي في تطمين قلقه الوجودي وهو المعروف بشدة التوق والتحرق والانجاز الذي زاد من مساحة سعادتنا الإنسانية، معرض نصير شمة، سانحة بصرية شجاعة ومثيرة للاهتمام، بعد أن شغلنا طويلاً بسوانحه الموسيقية وصفقنا لها طويلاً”.
وبين الفنان مطيع الجميلي: “إن نصير شمّة يشتغل بالرسم ببصيرة العارف وتقنيات الكتلة والسطح وفك أسرار طلاسم وآفاق وشفرات عالمه بطريقة صوفية وجدانية عالية، هناك ثنائية تفرد بين عالمين عند الفنان نصير شمّة تحيلنا إلى منطقة مفتوحة وفضاء رحب ليؤكد أنّ ما أنجزه منذ 3 عقود كانت مخبأة في أدراج منجزه الموسيقي الكبير”.
ولفت الدكتور علي رضا سعيد إلى أنّ “هذه الأعمال تعبّر عن حالة من التفرد وتعدُّ دليلا على وجود الرغبة في الإبداع وتحقيق عناصر الاختلاف والتمكن والتفرد حيث يضعنا الفنان أمام ميولاته ورغباته وانفعالاته وروحه المتوهج ضوءا لتعبر عنه بعالم الالوان بإحساس مرهف وتناغم جميل وكلما نبتعد عنها نستمتع بموسيقاها ونشتاق لها ونتلذذ بالمتعة والاسترخاء داخلها”.