الرئيسية / اخبار محلية / “آفة التسول” تَنخر الشوارع العراقية.. تفاقم بالأعداد وتوسع نحو منحنى “خطير”

“آفة التسول” تَنخر الشوارع العراقية.. تفاقم بالأعداد وتوسع نحو منحنى “خطير”

القرار

في ظل الوضع الاقتصادي والأمني والتحديات التي يشهدها العراق منذ 2003 إلى اليوم، باتت “ظاهرة التسول” تشكل مصدر قلق لدى السلطات الحكومية والمواطنين، إذ بدأت تأخذ منحنى خطير، متمثل بالعصابات والابتزاز إضافة إلى مشاركة جنسيات غير عراقية في هذه “الظاهرة”.
ولم تُسجل حتى الآن إحصائيات بعدد المتسولين في العراق، إلا أن من المؤكد أنهم يشكلون إعدادا لا يستهان بها، وحسب إحصاءات وزارة التخطيط للعام الماضي 2022 فإن نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر ارتفعت بنسبة 25 بالمئة، مقارنة بعامي 2019 و2020، حيث كانت النسبة لا تتجاوز 20 بالمئة.

وفي الأسبوع الأخير من آذار الماضي، أعلن مجلس القضاء الاعلى، إطلاق حملة لملاحقة المتسولين والمتاجرين بالبشر في العراق، فيما شدد في وثيقة أطلعت عليها السومرية نيوز على “ضرورة” إنهاء ظاهرة التسول وما تشكله تلك الظاهرة من خطر على امن المجتمع”.

بالمقابل، حددت وزارة الداخلية، ثلاثة عوامل للقضاء على ظاهرة التسول في العراق، فيما أكدت وجود عمليات ابتزاز من قبل متسولين لمواطنين.

وقال الناطق باسم الوزارة، اللواء خالد المحنا، إن “ظاهرة التسول من المشاكل الواسعة في البلاد على اعتبارها مرتبطة بعدة جهات، ولا تقتصر على جهة واحدة”، مبينا أن “وزارة الداخلية لا تتحمل مسؤولية حل هذه الأزمة بمفردها”.

وأوضح أن “الجزء الذي يتعلق بوزارة الداخلية يكمن بتنظم حملات شبه يومية من خلال مسك المتسولين واحالتهم الى القضاء”، لافتا الى أن “العديد من هؤلاء المتسولين هم ممن يعيشون تحت خط الفقر، لذلك فإنهم يضطرون للتسول لتأمين احتياجاتهم الاساسية اليومية، لعدم وجود مصدر رزق لهم؛ لذلك حتى وان اتخذت اجراءات قانونية بحقهم فإنهم يعودون الى ممارسة هذه القضية بسبب عدم وجود حل بديل”.

وأشار الى أن “اغلب الاشخاص المتواجدين في الشوارع تم القبض عليهم لمرات عديدة من قبل دوريات الشرطة”، مبينا أن” حل مشكلة التسول يتعلق بعدة جهات ومنها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من خلال شمول اكبر عدد من الذين يعيشون تحت خط الفقر بالحماية الاجتماعية، وتوفير بنى تحتية لايواء المشردين، وجانب اخر يتعلق بوزارة التربية من خلال التشديد في قضية التهرب من المدارس، وجزء يتعلق بالمواطن من خلال عدم تشجيعهم ومنحهم اموال او الرضوخ لابتزازهم، والتعامل في الوقت ذاته مع صناديق موثوقة وجمعيات او منظمات انسانية لاعطاء المستحقات الشرعية للمستحقين”.

وشدد المحنا على “ضرورة توفير تلك العوامل مجتمعة لحل ظاهرة التسول”، لافتا الى أن” المتسولين اصبحوا يمارسون عمليات ابتزاز للمواطن وفي بعض الاحيان يتجاوزون على المواطنين، اضافة الى اختلاف وسائلهم في التسول ومنها (التسول الالكتروني) من خلال ابعاث رسائل يطلبون فيها المساعدة ويشرحون اوضاع معينة بشكل يومي”.

وأوضح المتحدث باسم الداخلية، أن “الوزارة تتعامل مع تسول الأطفال بشكل قانوني، وهناك مديرية متخصصة بهذه الظاهرة وهي مديرية شرطة الاحداث والتي تتعامل مع الاحداث دون 18 سنة”، لافتاً إلى أن “المديرية تقوم بإحالتهم ويبقى ملفهم رهن القضاء”.

وتابع، أن “المفارز الأمنية تعتقل بين الحين والاخر مئات المتسولين الذين يحملون جنسيات أجنبية، وتم استبعادهم لمخالفتهم قوانين وشروط الإقامة”.

*ظاهرة خطيرة
من جهته، دعا مدير مركز متخصص بحقوق الانسان، إلى وضع استراتيجية وطنية لمعالجة ظاهرة التسول “الخطيرة” في ظل وجود 4 ملايين عاطل عن العمل، فيما بيّن أن هذه الظاهرة لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، ومن الممكن استخدامها من قبل استخبارات دولية لتدمير صورة المجتمع.

وحذر مدير المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق حازم الرديني في بيان ورد لـ السومرية نيوز، من “تنامي ظاهرة التسول في ظل وجود 4 ملايين عاطل عن العمل وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.

وعد الرديني أن “هذه الظاهرة نتاج طبيعي للفقر والبطالة والتوزيع غير المتكافئ للثروة واتخاذ القرارات الاقتصادية الفوضوية”، مشيراً الى ان “هذه الظاهرة تفاقمت على الرغم من المساءلة الصارمة السائدة في العراق والقوانين التي تجرم التسول، الا ان جيوش المتسولين من العراقيين والأجانب من باكستان أو الهند او بنغلادش تتزايد يوماً بعد يوم”.

واضاف الرديني ان “هذه الظاهرة منتشرة في الأسواق وبالقرب من العيادات الطبية وعند مفترق الطرق ومداخل المدن ودور العبادة مما يجعل أسرًا بأكملها يمارسون التسول بذرائع مختلفة لإثارة تعاطف المواطنين”.

وتابع مسؤول المركز الاستراتيجي أن “ظاهرة التسول لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، بعد أن أظهرت أبعاداً أخرى مثل الاتجار بالبشر والمخدرات، ومن الممكن استخدامهم من قبل استخبارات دولية لتدمير صورة المجتمع، اذ لم تعد هذه الظاهرة حكراً على العراقيين بل شملت الأجانب الوافدين”.

وأوضح مدير المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق ان “البعض استغل النساء دون السن القانوني والأطفال الرضع في هذه الظاهرة من قبل عصابات، مما يتطلب وضع استراتيجية وطنية لعلاج الظاهرة الخطيرة كون الحملات الأمنية وحجزهم لعدد من الأيام لم تساهم في القضاء على هذه الظاهرة”.

ودعا الرديني الى “ضرورة تفعيل دور الإيواء للمتسولين لما لها من أهمية كبيرة لإعادة تأهيلهم وتدريبهم للعمل كما لا بد من تظافر الجهود الحكومية والقطاع الخاص لحل مشكلة البطالة ودعم المشاريع الخاصة التي توفر وظائف للشباب العاطلين عن العمل، فالقضاء على التسول لابد ان يكون عبر تحسين الوضع الاقتصادي العام”.

*هل يعتبر جريمة؟

بدوره، قال الباحث بالشأن القانوني علي التميمي، إن “التسول من الأمراض الاجتماعية، والمتسول هو الشخص الذي يطلب من الناس المال باستخدام طرق شتى من الحيل وذلك عن طريق البكاء والتظاهر بفقدان المال ويدعى حاجته إلى المساعدة واصطناع الأمراض والعاهات واستخدام الأطفال حديثي الولادة واستئجار الأطفال لاستخدامهم كوسيلة واستغلال الأماكن المزدحمة كالأسواق ودور العبادة وادعاء الإصابة بالمرض والحاجة إلى العلاج وادعاء المتسول إصابته بالخلل العقلي والتلفظ بعبارات غير مفهومة لكسب شفقة الناس والحصول على الأموال”.

ويضيف التميمي، أن “المشرع العراقي عاقب على جريمة التسول بوصفها من الجرائم الاجتماعية في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل حيث نصت المادة 390/1 بان (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن شهر كل شخص أتم الثامنة عشرة من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه او كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد وجد متسولا في الطريق العام او في المحلات العامة أو دخل بدون إذن منزلاً أو محلاً ملحقاً لغرض التسول وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر اذا تصنّع المتسول الإصابة بجرح أو عاهة أو ألحَّ في الاستجداء)”.
وتابع: “اما بالنسبة للمتسول الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره فقد نصت الفقرة الثانية من المادة نفسها على: (اذا كان مرتكب هذه الأفعال لم يتم الثامنة عشرة من عمره تطبق بشأنه احكام مسؤولية الأحداث في حالة ارتكاب مخالفة ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على المتسول بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة أن تأمر بإيداعه مدة لا تزيد على سنة داراً للتشغيل إن كان قادراً على العمل أو بإيداعه ملجأً أو داراً للعجزة أو مؤسسة خيرية معترف بها اذا كان عاجزاً عن العمل وإن المشرِّع العراقي قد تعامل مع هذه الجريمة بصورة إنسانية وكان الهدف من العقوبة هو وقائي وإصلاحي”.

وأكمل: “كما أن المشرع العراقي في قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983 نص على ظاهرة التشرد حيث نصت المادة 24 منه على (يعتبر الصغير أو الحدث مشردا اذا وجد متسولا في الأماكن العامة أو تصنع الإصابة بجروح أو عاهات أو استعمل الغش كوسيلة لكسب عطف الجمهور بهدف التسول) إلا أن هذه الجريمة أشرت زيادة في معدلات ارتكابها وتطورت أساليب المتسولين وذلك عن طريق مجاميع اعتبرت هذه الجريمة تجارة مربحة عن طريق مجاميع تمارس هذه الجريمة وفي مناطق تختارها واتخاذها مهنة واستغلالها لتحقيق مكاسب شخصية ولابد من إعادة النظر في عقوبة هذه الجريمة الخطيرة وتفعيل تطبيق قانون رعاية الإحداث رقم 76 لسنة 1983 بحق الاحداث المشردين وتفعيل الدور الخاصة برعاية المسنين وأن تكون الإجراءات القانونية رادعة بحق هذا المرض الخطير وهذه الظاهرة السلبية وإعادة النظر في احكام المادتين 390 و391 من قانون العقوبات العراقي”.

عن Tabarak Safwan

شاهد أيضاً

العتبة الحسينية تعلن استعدادها لاستقبال الزائرين من جميع أنحاء العالم

أعلنت العتبة الحسينية المقدسة، اليوم الأحد، استعدادها لاستقبال الزائرين من جميع أنحاء العالم، فيما أشارت …