القرار
من الطبيعي أن يشعر الآباء بالقلق بشأن البراعة الأكاديمية و”معدل الذكاء” لأطفالهم، ولكن في عصرنا الحالي، هناك مزيد ومزيد من الرغبة في تطوير مهارات الذكاء العاطفي المعروف اختصاراً باسم EQ، والتي باتت تعتمد عليها كثير من الوظائف الإبداعية.
وبالنسبة إلى الآباء، غالباً ما تقع عليهم المسؤولية الأكبر في تشجيع الطفل على تنمية ذكائه العقلي المعرفي والعاطفي أيضاً.
ويُعرَّف الذكاء العاطفي بأنه قدرة الشخص على التعبير عن المشاعر وإدارتها بشكل مناسب مع احترام مشاعر الآخرين من حوله. وهي مجموعة من المهارات التي يمكن للأطفال البدء في تعلُّمها بأي عمر تقريباً.
فوائد الذكاء العاطفي
1- معدل ذكاء أعلى: على مدى العقود العديدة الماضية، وجدت الدراسات العلمية أن الذكاء العاطفي يوفر مجموعة متنوعة من الفوائد التي ستخدم الطفل طوال حياته، وفقاً لموقع Very Well Mind.
فيما يلي، بعض الطرق التي يعتبر بها الذكاء العاطفي مُهماً:
ترتبط درجة الـEQ العالي بمعدل الذكاء المرتفع أيضاً. ويعمل الأطفال ذوو المستويات الأعلى من الذكاء العاطفي بشكل أفضل في الاختبارات الموحدة. كما أنهم يميلون إلى الحصول على درجات أعلى.
2- الحصول على علاقات أفضل: تساعد مهارات الذكاء العاطفي الأطفال على إدارة الصراع وتكوين صداقات أعمق. كما يُبلّغ أيضاً البالغون الذين يتمتعون بمستويات عالية من الذكاء العاطفي عن علاقات أفضل في حياتهم الشخصية والمهنية.
3- يرتبط معدل الذكاء في الطفولة بتحقيق نجاح بعد النضج: وجدت دراسة استمرت 19 عاماً ونُشرت في المجلة الأمريكية للصحة العامة، أن المهارات الاجتماعية والعاطفية للطفل في رياض الأطفال قد تتنبأ بمستوى نجاحه اللاحق مدى الحياة.
وكان الأطفال الذين كانوا قادرين على المشاركة والتعاون واتباع التوجيهات في سن 5 سنوات، أكثر عرضة للحصول على شهادات جامعية وبدء العمل في وظائف بدوام كامل بحلول سن 25، وفقاً للدراسة التي نُشرت عام 2007.
4- تحسين الصحة العقلية: الأفراد الذين يتمتعون بمستويات أعلى من الذكاء العاطفي أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب والأمراض العقلية الأخرى.
5- فوائد الذكاء العاطفي منطقية: الطفل الذي يستطيع تهدئة نفسه عندما يشعر بالغضب، من المرجح أن يعمل بشكل جيد في الظروف الصعبة. كما اتضح أن الطفل الذي يمكنه التعبير عن مشاعره بطريقة صحية، من المرجح أن يحافظ على علاقات صحية أكثر من الطفل الذي يصرخ أو يقول أشياء لئيمة عندما يكون غاضباً.
الخبر السارُّ هو أن جميع الأطفال لديهم القدرة على تعلُّم مهارات الذكاء العاطفي. ومع ذلك، يكونون دوماً بحاجة إلى الكبار ليعلموهم كيفية اكتساب ذلك.
قم بتسمية مشاعر طفلك بوضوح
يحتاج الأطفال إلى معرفة كيفية التعرف على مشاعرهم بطريقة واضحة.
ويمكنك مساعدة طفلك من خلال تسمية مشاعره عندما يشعر بها، على الأقل المشاعر التي تشك أو تتوقع أن طفلك يشعر بها.
مثلاً عندما يكون طفلك مستاءً عند خسارة لعبة، يمكنك أن تقول له حينها: “يبدو أنك تشعر بالغضب حقاً الآن. هل هذا صحيح؟”. إذا بدا حزيناً، يمكنك أن تقول له وقتها: “هل تشعر بخيبة أمل لأننا لن نلعب كفايةً اليوم؟”، وهكذا.
يمكن للكلمات العاطفية مثل “غاضب” و”مستاء” و”خجول” و”مؤلم” أن تبني مفردات للتعبير عن المشاعر بصورة صحيحة.
وبحسب موقع Huffington Post، لا تنسَ مشاركة كلمات المشاعر الإيجابية أيضاً لكي يتعلمها، مثل “الفرح” و”الإثارة” و “والحماسة” و”الأمل” و”الهدوء” وغيرها.
إظهار التعاطف والحساسية لمشاعر الآخرين
عندما يكون طفلك منزعجاً- خاصةً عندما تبدو عواطفه درامية قليلاً- فقد يكون من المغري لك بشكل عفوي، التقليل من شعوره ومحاولة التهوين منه.
لكن التعليقات الرافضة أو غير المُتفهمة ستعلّم طفلك أن الطريقة التي يشعر بها خاطئة وغير صائبة. النهج الأفضل هو التحقق من صحة مشاعره، وإظهار التعاطف معها، حتى لو لم تفهم سبب انزعاجهم الشديد.
إذا كان طفلك يبكي لأنك أخبرته بأنه لا يمكنه الذهاب إلى الحديقة إلى أن يقوم بتنظيف غرفته، فقل شيئاً مثل: “أشعر بالضيق عندما لا أفعل ما أريد أيضاً. من الصعب أحياناً الاستمرار في العمل عندما لا أريد ذلك ولكننا نحاول”.
حينها عندما يرى طفلك أنك تفهم ما يشعر به، سيشعر بأنه أقل اضطراراً لإظهار ما يشعر به من خلال سلوكه، بطريقة درامية مبالغ فيها. لذا، بدلاً من الصراخ والبكاء ليُظهروا لك أنهم غاضبون، سيشعرون بتحسن عندما توضح لهم أنك تفهم أنهم منزعجون.
تعليم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره
يحتاج الأطفال إلى معرفة كيفية التعبير عن مشاعرهم بطريقة مناسبة ولائقة اجتماعياً. لذلك إذا قال: “مشاعري مجروحة” أو “أشعر بالحزن” أو رسم صورة لوجه حزين فقد يكون مفيداً، فإن الصراخ ورمي الأشياء أمر غير مقبول.
وتُعد أفضل طريقة لتعليم طفلك كيفية التعبير عن المشاعر هي عن طريق محاكاة هذه المهارات بنفسك.
استخدِم كلمات الشعور في محادثتك اليومية معه وتدرَّب على الحديث عنها. قل أشياء مثل “أشعر بالغضب عندما أرى أطفالاً يلعبون بخشونة” أو “أشعر بالسعادة عندما يأتي أصدقاؤنا لتناول العشاء معنا”.
وتشير الدراسات إلى أن الآباء الأذكياء عاطفياً أكثر عرضة لإنجاب أطفال أذكياء عاطفياً أيضاً. لذا، اجعل من المعتاد التركيز بوضوح على بناء مهاراتك حتى تكون نموذجاً يحتذى به لطفلك.
مهارات التأقلم على متغيرات الحياة
بمجرد أن يفهم الأطفال عواطفهم وكيفية التعبير عنها، فإنهم بحاجة إلى تعلُّم كيفية التعامل مع تلك المشاعر بطريقة صحية.
قد تكون معرفة كيفية تهدئة أنفسهم أو إسعاد أنفسهم أو مواجهة مخاوفهم أمراً معقداً بالنسبة للصغار، لذلك يحتاجون إلى تعلُّمه.
على سبيل المثال، قد يستفيد طفلك من تعلم كيفية أخذ أنفاس عميقة قليلة عندما يكون غاضباً لتهدئة جسده ومشاعره.
هناك طريقة صديقة للأطفال لتعليم هذا، تتضمن إخبارهم بأخذ “أنفاس فقاعية”، حيث يتنفسون من خلال أنوفهم وينفثون من خلال أفواههم كما لو كانوا ينفخون من خلال عصا اللعب بفقاعات الصابون.
يمكنك أيضاً مساعدة طفلك على إنشاء عادات تساعده على تنظيم مشاعره. يعد كتاب التلوين، والموسيقى الهادئة، والأشغال اليدوية البسيطة الملائمة لقدراته أن تساعد في تعزيز حواسه وتهدئة عواطفه.
مساعدته على تطوير مهارات حل المشكلات
يوضح موقع CNBC الأمريكي للأخبار، أن جزءاً من بناء الذكاء العاطفي يتضمن تعلُّم كيفية حل المشكلات. إذ بعد تصنيف المشاعر ومعالجتها، يأتي الوقت للعمل على إصلاح المشكلة نفسها.
ربما يكون طفلك غاضباً لأن أخته تستمر في مقاطعته أثناء لعب لعبة فيديو. ساعِده في تحديد 5 طرق على الأقل قد تساعدهما في حل هذه المشكلة.
ويجب أن لا تكون الحلول أفكاراً جيدة. في البداية، الهدف هو مجرد تبادل الأفكار واستيعاب أن عليه إيجاد حلول عقلانية لمعالجة المشكلة.
وبمجرد تحديد خمسة حلول ممكنة على الأقل، ساعِده في تقييم إيجابيات وسلبيات كل حل منها. ثم شجِّعه على اختيار الخيار الأفضل.
كذلك عندما يرتكب طفلك أخطاء، اعمل على ما كان يمكن فعله بشكل مختلف وما يمكن لطفلك فعله لحل أي مشاكل باقية.
حاول أن تتصرف كمدرب بدلاً من أن تقدم حلاً للمشكلات. قدِّم التوجيه عند الضرورة ولكن اعمل على مساعدة طفلك من بعيد نسبياً على رؤية أن لديه القدرة على حل المشكلات بشكل فعال بمفرده.
انستغرام
https://instagram.com/alqarar_iq
الموقع الالكتروني
تلكرام