الرئيسية / مقالات / محددات ومعالم السياسة الخارجية البحرينية.. خليجيا وعربيا وعالميا

محددات ومعالم السياسة الخارجية البحرينية.. خليجيا وعربيا وعالميا

بقلم: عبدالمالك سالمان

تشكل‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬مرتكزات‭ ‬وتوجهات‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬القومية‭ ‬الحديثة،‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬تجمع‭ ‬بشري‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عزلة‭ ‬عن‭ ‬محيطه‭ ‬الإقليمي‭ ‬أو‭ ‬الخارجي‭,‬‭ ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬التجمعات‭ ‬البشرية‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬صورا‭ ‬متعددة‭ ‬لأشكال‭ ‬الاحتكاك‭ ‬بالمحيط‭ ‬الإقليمي‭ ‬أو‭ ‬الدولي‭ ‬إما‭ ‬سلما‭ ‬عبر‭ ‬علاقات‭ ‬التعاون‭ ‬والتبادل‭ ‬التجاري‭ ‬والهجرات‭ ‬السلمية‭ ‬بين‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬المختلفة‭,‬‭ ‬وإما‭ ‬صراعا‭ ‬عبر‭ ‬عمليات‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬وخوض‭ ‬الحروب‭ ‬المختلفة‭ ‬والتي‭ ‬تكون‭ ‬دوافعها‭ ‬واسبابها‭ ‬غالبا‭ ‬أهدافا‭ ‬اقتصادية‭ ‬وأطماعا‭ ‬توسعية‭.‬

ونظرا‭ ‬للخبرات‭ ‬المريرة‭ ‬والأثمان‭ ‬الباهظة‭ ‬التي‭ ‬تدفعها‭ ‬المجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬نتيجة‭ ‬إشعال‭ ‬الحروب‭,‬‭ ‬فقد‭ ‬تبلورت‭ ‬الخبرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬لتجنب‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬برز‭ ‬دور‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬ليكون‭ ‬هدفها‭ ‬المركزي‭ ‬هو‭ ‬صنع‭ ‬السلام‭ ‬وتجنب‭ ‬الحروب‭,‬‭ ‬وعرف‭ ‬التاريخ‭ ‬ظاهرة‭ ‬المبعوثين‭ ‬والرسل‭ ‬والسفراء‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬إرسالهم‭ ‬بين‭ ‬حكام‭ ‬الدول‭ ‬بهدف‭ ‬توضيح‭ ‬الحقائق‭ ‬وإزالة‭ ‬أسباب‭ ‬سوء‭ ‬التفاهم‭ ‬بهدف‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬حسن‭ ‬جوار‭ ‬يتم‭ ‬تعزيزها‭ ‬عبر‭ ‬مسارات‭ ‬التعاون‭ ‬والتبادل‭ ‬التجاري‭..‬الخ‭ ‬

وفي‭ ‬العصور‭ ‬الحديثة‭ ‬ازدادت‭ ‬بدون‭ ‬شك‭ ‬الأهمية‭ ‬المحورية‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للدول‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬الأخرى‭ ‬سواء‭ ‬القريبة‭ ‬جغرافيا‭,‬‭ ‬أو‭ ‬البعيدة‭ ‬ولكن‭ ‬المسافات‭ ‬تقلصت‭ ‬بفعل‭ ‬ثورة‭ ‬الاتصالات‭ ‬وحركة‭ ‬النقل‭ ‬البري‭ ‬والبحري‭ ‬والجوي‭.‬

ومن‭ ‬حيث‭ ‬المفهوم‭ ‬العلمي‭ ‬لمصطلح‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭,‬‭ ‬يجمع‭ ‬علماء‭ ‬السياسة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬‭ ‬إنما‭ ‬يعني‭ ‬مجموعة‭ ‬الأفعال‭ ‬والسلوكيات‭ ‬والوجهات‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬الوحدة‭ ‬الدولية‭ ‬أي‭ ‬‮«‬الدولة‮»‬‭ ‬تجاه‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والخارجي‭ ‬بهدف‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬القومية‭ ‬للدولة‭ ‬وتطويرها‭,‬‭ ‬وأيضا‭ ‬زيادة‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية‭ ‬أو‭ ‬الإطار‭ ‬الدولي‭.‬

أما‭ ‬المفكر‭ ‬السياسي‭ ‬اللبناني‭ ‬‮«‬سموحي‭ ‬فوق‭ ‬العادة‮»‬‭ ‬فيرى‭ ‬أن‭ ‬تعريف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬هو‭: ‬‮«‬الخطط‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬الدول‭ ‬بإتباعها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭ ‬بشأن‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬بالاستناد‭ ‬إلى‭ ‬مصالحها‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الظروف‭ ‬الدولية‮»‬‭.‬

أما‭ ‬د‭. ‬بطرس‭ ‬بطرس‭ ‬غالي‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فيوجز‭ ‬تعريف‭ ‬مفهوم‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬تنظيم‭ ‬نشاط‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‮»‬‭. ‬

ولاشك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬ومقومات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬طبيعة‭ ‬أهداف‭ ‬وتحركات‭ ‬وسلوكيات‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬الخارجي‭ ‬عموما‭,‬‭ ‬وتشمل‭ ‬تلك‭ ‬المحددات‭ ‬الأبعاد‭ ‬التاريخية‭ ‬والموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬والتركيبة‭ ‬الديموجرافية‭ ‬والموارد‭ ‬والثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المحددات‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬المرتكزات‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬منطلقات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تحركها‭ ‬تجاه‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي‭ ‬والإطار‭ ‬الخارجي‭.‬

فالموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬مثلا‭ ‬يحدد‭ ‬مدى‭ ‬أهمية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الإستراتيجية،‭ ‬ويمكنها‭ ‬من‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬إقليمي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬دولي‭ ‬كما‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬قوة‭ ‬الدولة ذاتها‭.‬

أما‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬فهي‭ ‬مدى‭ ‬تمتع‭ ‬الدولة‭ ‬بموارد‭ ‬طبيعية‭ ‬هامة‭ ‬كمصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬بترول،‭ ‬غاز،‭ ‬ومعادن‭ ‬كالحديد‭ ‬والنحاس‭ ‬والذهب،‭ ‬ومواد‭ ‬غذائية‭ ‬كالقمح‭ ‬والذرة،‭ ‬توفر‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬لدى‭ ‬الدولة‭ ‬ولو‭ ‬بنسب‭ ‬متفاوتة‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬استقلاليتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ويمكنها‭ ‬من‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬كقوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتتمكن‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬كما‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬دولية‭ ‬تتواءم‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ .‬

كذلك‭ ‬تلعب‭ ‬الهوية‭ ‬الثقافية‭ ‬والقومية‭ ‬للبلاد‭ ‬دورا‭ ‬جوهريا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬أولويات‭ ‬التوجهات‭ ‬الخارجية‭ ‬للدولة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬نلاحظه‭ ‬جيدا‭ ‬في‭ ‬التجربة‭ ‬البحرينية‭ ‬حيث‭ ‬لعبت‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬أولوية‭ ‬التوجهات‭ ‬الخارجية‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدولية‭.‬

ويلعب‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬دورا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬تبلور‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للدولة،‭ ‬بحيث‭ ‬يعمل‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار‭ ‬على‭ ‬تفرغ‭ ‬الدولة‭ ‬لصياغة‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار‭ ‬يعطي‭ ‬للدولة‭ ‬صورة‭ ‬حسنة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬انفتاح‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬عليها‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬حركية‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لها‭.‬

كذلك‭ ‬تلعب‭ ‬المحددات‭ ‬الخارجية‭ ‬أو‭ ‬السياق‭ ‬الدولي‭ ‬قي‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الدولية‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭,‬‭ ‬فالدولة‭ ‬لا‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬فراغ‭ ‬وإنما‭ ‬وسط‭ ‬سياق‭ ‬إقليمي‭ ‬ودولي‭ ‬تحكمه‭ ‬ضوابط‭ ‬معينة‭ ‬توثر‭ ‬على‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬للدول‭.‬

إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬النسق‭ ‬الدولي‭ ‬أو‭ ‬الإقليمي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬محددات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للدول‭. ‬فنمط‭ ‬توزيع‭ ‬القوى‭ ‬ضمن‭ ‬نسق‭ ‬دولي‭ ‬يتسم‭ ‬باستقطاب‭ ‬حاد‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬تبني‭ ‬سياسة‭ ‬الحياد‭ ‬مثلا‭. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تكتلات‭ ‬ومحاور‭ ‬سياسية‭ ‬وعسكرية‭,‬‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يدفع‭ ‬واضعي‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الصغرى‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬التحالفات‭ ‬لحماية‭ ‬أمنهم‭ ‬القومي،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬ينطوي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬تعارض‭ ‬مع‭ ‬توجهاتهم‭ ‬السياسية‭ ‬العامة‭,‬‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬المبادئ‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬التقليدية‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التكتلات‭ ‬تساعد‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬المنشئة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياساتها‭ ‬الخارجية‭ ‬وفرضها‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع،‭ ‬وإرغام‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬تقبلها‭ ‬و‭ ‬الارتباط‭ ‬بها‭. ‬

ولابد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬عالم‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬قد‭ ‬اختلف‭ ‬نسبيا‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬ذروة‭ ‬صعود‭ ‬الدولة‭ ‬القومية‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والغرب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنهت‭ ‬اتفاقية‭ ‬صلح‭ ‬أو‭ ‬معاهدة‭ ‬وستفاليا‭ ‬عام‭ ‬1648‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬ومنطلقات‭ ‬قومية‭ ‬وفتحت‭ ‬الباب‭ ‬لتبلور‭ ‬الدولة‭ ‬القومية‭ ‬بصورتها‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬بنية‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭,‬‭ ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬تبلور‭ ‬وصعود‭ ‬قوى‭ ‬ولاعبين‭ ‬جدد‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬ومن‭ ‬هؤلاء‭ ‬اللاعبين‭ ‬الجدد‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬والشركات‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬أو‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬والكيانات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬العملاقة‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وشبكات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭. ‬

أهداف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للبحرين

يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬البحرين‭ ‬بإنهاء‭ ‬المعاهدة‭ ‬التعاقدية‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬وبروزها‭ ‬كدولة‭ ‬مستقلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬أصبحت‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭ ‬الدولية‭ ‬عبر‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬ذاته‭ ‬1971،‭ ‬كذلك‭ ‬نيلها‭ ‬عضوية‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬فقد‭ ‬بلورت‭ ‬أهداف‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬صياغتها‭ ‬بالتفاهم‭ ‬والتنسيق‭ ‬الكامل‭ ‬قيادة‭ ‬البلاد‭ ‬آنذاك‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬أول‭ ‬وزير‭ ‬لخارجية‭ ‬البحرين‭ ‬وعميد‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬وأحد‭ ‬أبرز‭ ‬من‭ ‬شغلوا‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬مدة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬حيث‭ ‬شغل‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬لنحو‭ ‬34‭ ‬عاما‭ ‬متواصلة‭. ‬وتمثلت‭ ‬أبرز‭ ‬أهداف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬لعل‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭: ‬

1-‭ ‬تأكيد‭ ‬سيادة‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعربي‭ ‬والدولي‭.‬

2-صيانة‭ ‬وحماية‭ ‬مصالح‭ ‬البحرين‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭.‬

3‭- ‬تنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬وتقوية‭ ‬الروابط‭ ‬والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وكافة‭ ‬الدول‭ ‬والهيئات‭ ‬العربية‭ ‬والدولية‭.‬

4-‭ ‬تمثيل‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬العربية‭ ‬والدولية‭.‬

5-‭ ‬دعم‭ ‬القضايا‭ ‬العادلة‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والالتزام‭ ‬بالثوابت‭ ‬القومية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬دعم‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬والقدس‭ ‬الشريف‭.‬

6-‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬وتعزيز‭ ‬سياسة‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬والالتزام‭ ‬بميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬والمعاهدات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬واحترام‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭.‬

خصوصية‭ ‬التجربة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬التجربة‭ ‬الخاصة‭ ‬للبحرين‭ ‬كدولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬وتاريخ‭ ‬عريق‭ ‬إلى‭ ‬إعطاء‭ ‬طابع‭ ‬خاص‭ ‬لتحرك‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬الخارجي‭,‬‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬خوض‭ ‬معركة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وسياسية‭ ‬وشعبية‭ ‬قوية‭ ‬ضد‭ ‬الأطماع‭ ‬الإيرانية‭ ‬ومزاعم‭ ‬ومطالب‭ ‬شاه‭ ‬إيران‭ ‬آنذاك‭ ‬الذي‭ ‬حاول‭ ‬استغلال‭ ‬القرار‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬السبعينيات‭ ‬بالانسحاب‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬شرق‭ ‬السويس‭ ‬ومنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬التوسع‭ ‬الإقليمي‭ ‬والزعم‭ ‬بان‭ ‬البحرين‭ ‬كانت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الإيرانية‭ ‬ويجب‭ ‬إعادتها‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬دفعت‭ ‬هذه‭ ‬المزاعم‭ ‬الإيرانية‭ ‬السلطات‭ ‬البحرينية‭ ‬آنذاك‭ ‬بقيادة‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬آنذاك‭) ‬وسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬آنذاك‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬إلى‭ ‬تحرك‭ ‬عاجل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات‭ ‬العربية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬لعب‭ ‬فيه‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬دورا‭ ‬نشطا‭,‬‭ ‬وأسفر‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬عرض‭ ‬القضية‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬أرسلت‭ ‬بعثة‭ ‬دولية‭ ‬لتقصي‭ ‬الحقائق‭ ‬ومعرفة‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬واجتمع‭ ‬المبعوث‭ ‬الدولي‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الهيئات‭ ‬والمنظمات‭ ‬والجمعيات‭ ‬والنوادي‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والرياضية‭ ‬التي‭ ‬أجمعت‭ ‬كلها‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬ودحض‭ ‬مزاعم‭ ‬الشاه‭ ‬والحكومة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الإجماع‭ ‬الوطني‭ ‬البحريني‭ ‬بمثابة‭ ‬ملحمة‭ ‬وطنية‭ ‬كبرى‭ ‬جسدت‭ ‬بوضوح‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬والعروبي‭ ‬للبحرين‭ ‬بتأكيد‭ ‬عروبتها‭ ‬ودحض‭ ‬الأطماع‭ ‬الفارسية‭ ‬التي‭ ‬تنافي‭ ‬الحقائق‭ ‬التاريخية‭ ‬وعروبة‭ ‬البحرين‭ ‬واستقرار‭ ‬حكم‭ ‬أسرة‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الكرام‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬قرنين‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬البحرين‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬هدف‭ ‬تأكيد‭ ‬خصوصية‭ ‬الدولة‭ ‬البحرينية‭ ‬وتكريس‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بها‭ ‬احد‭ ‬الأهداف‭ ‬المحورية‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬البحرينية‭.‬

وكان‭ ‬المأمول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬صفحة‭ ‬الأطماع‭ ‬التوسعية‭ ‬الإيرانية‭ ‬قد‭ ‬طويت‭ ‬مع‭ ‬اعتراف‭ ‬شاه‭ ‬إيران‭ ‬بالدولة‭ ‬البحرينية‭ ‬وتبادل‭ ‬السفراء‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وتبادل‭ ‬الزيارات‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬بين‭ ‬المنامة‭ ‬وطهران‭.‬

واعتقد‭ ‬الكثيرون‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬حكم‭ ‬الشاه‭ ‬عام‭ ‬1979‭,‬‭ ‬ومجيئ‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بزعامة‭ ‬الإمام‭ ‬الخميني‭ ‬التي‭ ‬رفعت‭ ‬شعارات‭ ‬إسلامية‭ ‬أنها‭ ‬سوف‭ ‬تتبع‭ ‬سياسات‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬تدعيم‭ ‬الإخوة‭ ‬الإسلامية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬الإسلامية‭.‬

لكن‭ ‬للأسف‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تكشفت‭ ‬الأكاذيب‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬رفعها‭ ‬الخميني‭ ‬لمجرد‭ ‬الخداع‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬توطيد‭ ‬أركان‭ ‬حكمه‭,‬‭ ‬وظهرت‭ ‬الحقائق‭ ‬أنه‭ ‬أعاد‭ ‬إحياء‭ ‬الأطماع‭ ‬التوسعية‭ ‬الفارسية‭ ‬تجاه‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ومجددا‭ ‬المزاعم‭ ‬الإيرانية‭ ‬تجاه‭ ‬البحرين‭ ‬وفق‭ ‬مشروع‭ ‬طائفي‭ ‬مقيت‭ ‬يحاول‭ ‬استغلال‭ ‬العامل‭ ‬الشيعي‭ ‬في‭ ‬المكونات‭ ‬السكانية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بهدف‭ ‬زعزعة‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬عبر‭ ‬تشكيل‭ ‬ميلشيات‭ ‬وخلايا‭ ‬طائفية‭ ‬موالية‭ ‬له‭ ‬بهدف‭ ‬تفجير‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الخميني‭ ‬التوسعي‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬أصبح‭ ‬أحد‭ ‬المحاور‭ ‬ذات‭ ‬الخصوصية‭ ‬في‭ ‬تحركات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬هو‭ ‬الدفاع‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬تأكيد‭ ‬استقلال‭ ‬البحرين‭ ‬ودحض‭ ‬المزاعم‭ ‬والادعاءات‭ ‬والأطماع‭ ‬الإيرانية‭ ‬تجاه‭ ‬البحرين‭,‬‭ ‬وقد‭ ‬برز‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬خلال‭ ‬ثلاث‭ ‬محاولات‭ ‬انقلابية‭ ‬طائفية‭ ‬إيرانية‭ ‬نجحت‭ ‬قوى‭ ‬الأمن‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬إفشالها‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬الثمانينات‭ ‬والثانية‭ ‬في‭ ‬التسعينيات‭ ‬والثالثة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011‭.‬

ومازال‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬قائما‭ ‬أمام‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬لشرح‭ ‬الحقائق‭ ‬امام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬كلما‭ ‬تجددت‭ ‬المحاولات‭ ‬الإيرانية‭ ‬المشبوهة‭ ‬لزعزعة‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬

إذ‭ ‬يظل‭ ‬المشروع‭ ‬التوسعي‭ ‬الإيراني‭ ‬هو‭ ‬المشروع‭ ‬الأخطر‭ ‬على‭ ‬امن‭ ‬البحرين‭ ‬وامن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭,‬‭ ‬فالمخططات‭ ‬الإيرانية‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬مازالت‭ ‬قائمة‭ ‬ومستمرة‭,‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدخلات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الداخلية‭ ‬عبر‭ ‬تجنيد‭ ‬عناصر‭ ‬إرهابية،‭ ‬وتنظيم‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬عسكرية‭ ‬واستخبارية،‭ ‬وتهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمتفجرات،‭ ‬ومحاولة‭ ‬اختراق‭ ‬النسيج‭ ‬الداخلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحريض‭ ‬الطائفي‭ ‬البغيض،‭ ‬ودعم‭ ‬الممارسات‭ ‬الخارجة‭ ‬على‭ ‬القانون،‭ ‬وكثافة‭ ‬الإعلام‭ ‬الموجه‭ ‬والشائعات‭ ‬المغرضة‭ ‬عبر‭ ‬عشرات‭ ‬القنوات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬الفضائية‭ ‬والمواقع‭ ‬والمنصات‭ ‬الإعلامية‭.‬

دوائر‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬البحرينية

أولا‭: ‬محورية‭ ‬العلاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬السعودية

تعطي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬اهتماما‭ ‬وأولوية‭ ‬خاصة‭ ‬بتوثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بالنظر‭ ‬للطبيعة‭ ‬الخصوصية‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬العلاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬السعودية‭,‬‭ ‬فهي‭ ‬علاقات‭ ‬ضاربة‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬التاريخ‭ ‬تميزت‭ ‬بقوة‭ ‬التواصل‭ ‬الشعبي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬والعلاقات‭ ‬القوية‭ ‬الممتدة‭ ‬بين‭ ‬العائلتين‭ ‬الحاكمتين‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وآل‭ ‬سعود‭,‬‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الترابط‭ ‬المصيري‭ ‬بين‭ ‬امن‭ ‬البلدين‭,‬‭ ‬فأمن‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬امن‭ ‬السعودية‭ ‬وأمن‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬امن‭ ‬البحرين‭.‬

وقد‭ ‬تبلور‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬التنسيق‭ ‬والتشاور‭ ‬المستمر‭ ‬بين‭ ‬قيادتي‭ ‬البلدين‭ ‬تجاه‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭,‬‭ ‬وتطابق‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬والمواقف‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬السعودية‭ ‬تجاه‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية‭.‬

تتسم‭ ‬العلاقات‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬باستمرارية‭ ‬التواصل‭ ‬والود‭ ‬والمحبة‭ ‬بين‭ ‬قيادتي‭ ‬وشعبي‭ ‬البلدين،‭ ‬وتشهد‭ ‬تطورًا‭ ‬مطردًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬والرؤى‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بينهما‭ ‬تجاه‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا،‭ ‬وروابط‭ ‬الأخوة،‭ ‬ووشائج‭ ‬القربى‭ ‬والمصاهرة‭ ‬والنسب،‭ ‬ووحدة‭ ‬المصير،‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬شعبيهما،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬جوارهما‭ ‬الجغرافي،‭ ‬وعضويتهما‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬وجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭.‬

وتشهد‭ ‬العلاقات‭ ‬‮«‬السعودية‭ ‬البحرينية‮»‬‭ ‬مستوى‭ ‬عالياً‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬تجاه‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬إذ‭ ‬يتبنى‭ ‬البلدان‭ ‬رؤية‭ ‬موحدة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الاهتمام‭ ‬المشترك،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تكامل‭ ‬جهود‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي‭ ‬والدولي‭.‬

وأسهم‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬المملكتين‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الروابط‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وساعد‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬قطاعات‭ ‬السياحة‭ ‬والتجارة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭,‬‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬لتوجهات‭ ‬قيادتي‭ ‬البلدين‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬ودعم‭ ‬التعاون‭ ‬الذي‭ ‬جسدته‭ ‬المشروعات‭ ‬المشتركة‭ ‬وتفعيل‭ ‬سبل‭ ‬تنمية‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬المعوقات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العمل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتسهيل‭ ‬انتقال‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

ويتطلع‭ ‬البلدان‭ ‬الشقيقان‭ ‬مستقبلاً‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬مشروع‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬جسراً‭ ‬موازياً‭ ‬لجسر‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬ومكملاً‭ ‬لمشروع‭ ‬شبكة‭ ‬سكك‭ ‬الحديد‭ ‬الخليجية‭ ‬مما‭ ‬سيعطي‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬لتعزيز‭ ‬التكامل‭ ‬والتلاحم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭.‬

وتمثل‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بدورها‭ ‬عمقًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كونها‭ ‬سوقًاً‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة‭ ‬أمام‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬البحريني‭ ‬لترويج‭ ‬البضائع‭ ‬والمنتجات‭ ‬البحرينية،‭ ‬كما‭ ‬تمثل‭ ‬البحرين‭ ‬امتدادًا‭ ‬للسوق‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬البضائع‭ ‬والمنتجات‭ ‬السعودية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يضطلع‭ ‬مجلس‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينيين‭ ‬والسعوديين‭ ‬بدور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬الأعمال‭ ‬والمشاريع‭ ‬المشتركة‭.‬

وفي‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬يقف‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬واحدة‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمس‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬والخليج،‭ ‬ويتعزز‭ ‬ذلك‭ ‬الوقوف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللقاءات‭ ‬الدورية‭ ‬بين‭ ‬القيادات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬وكذلك‭ ‬تنفيذ‭ ‬تمارين‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬بينهما‭.‬

ثانيا‭: ‬الدائرة‭ ‬الخليجية

تعتبر‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬تأييدا‭ ‬وحماسا‭ ‬لتمتين‭ ‬الروابط‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭,‬‭ ‬لهذا‭ ‬تساند‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬إنجاح‭ ‬تجربة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬ويشير‭ ‬د‭. ‬عمر‭ ‬الحسن‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬الخليج‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬شهادة‭ ‬للتاريخ‮»‬‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬أهم‭ ‬إنجاز‭ ‬سياسي‭ ‬خليجي‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬جاءت‭ ‬فكرة‭ ‬إنشائه‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬أمير‭ ‬البحرين‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬،‭ ‬وكيف‭ ‬كانت‭ ‬لدبلوماسية‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‮»‬‭ ‬المكوكية‭ ‬الذي‭ ‬نقل‭ ‬الفكرة‭ ‬إلى‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ميلاده،‭ ‬وفي‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬أعضائه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬

وتكتسب‭ ‬الدائرة‭ ‬الخليجية‭ ‬أولوية‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬تحركات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية،‭ ‬كونها‭ ‬تمثل‭ ‬الامتداد‭ ‬الطبيعي‭ ‬والحيوي‭ ‬للمملكة،‭ ‬وركيزة‭ ‬قوتها‭ ‬واستقرارها‭.‬

ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬عقد‭ ‬السبعينيات‭ ‬بدأ‭ ‬نشاط‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬وقضايا‭ ‬المنطقة‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬أحداثها‭ ‬المتتالية؛‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬مهدت‭ ‬لإعلان‭ ‬اتحاد‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬1968‭ ‬حتى‭ ‬أكتوبر‭ ‬1970‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬إيمانه‭ ‬بأن‭ ‬الاتحاد‭ ‬قوة،‭ ‬وأنه‭ ‬الرادع‭ ‬الوحيد‭ ‬لأي‭ ‬أطماع‭ ‬خارجية‭.‬

إن‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬للتوسع‭ ‬والهيمنة‭ ‬الإقليمية‭ ‬سواء‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬الشاه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرمي‭ ‬إلى‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬‮«‬شرطي‭ ‬الخليج‮»‬،‭ ‬وامتدادا‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النظام‭ ‬الثوري‭ ‬الذي‭ ‬أسسه‭ ‬الخميني‭ ‬فإن‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬تصدير‭ ‬الثورة‮»‬‭ ‬الطائفي‭ ‬يعد‭ ‬أكبر‭ ‬خطر‭ ‬يهدد‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭,‬‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬أهمية‭ ‬تقوية‭ ‬وتدعيم‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وقوات‭ ‬‮«‬درع‭ ‬الجزيرة‮»‬‭ ‬لتكون‭ ‬الدرع‭ ‬وحائط‭ ‬الصد‭ ‬أمام‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استراتيجية‭ ‬امنية‭ ‬خليجية‭ ‬تعتمد‭ ‬أولا‭ ‬على‭ ‬القدرات‭ ‬الذاتية‭ ‬الخليجية‭ ‬لحماية‭ ‬أمن‭ ‬الخليج‭,‬‭ ‬ويواكبها‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬العمق‭ ‬العربي‭ ‬واستثمار‭ ‬شبكة‭ ‬العلاقات‭ ‬لخليجية‭ ‬الدولية‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬المناهضة‭ ‬للسياسات‭ ‬الإيرانية‭ ‬المشبوهة‭ ‬لحماية‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭.‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالدائرة‭ ‬الخليجية‭ ‬وتوطيد‭ ‬العلاقات‭ ‬التضامنية‭ ‬الأخوية‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬يظل‭ ‬هدفا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬وأحد‭ ‬أهم‭ ‬ثوابت‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬البحرينية‭.‬

ولهذا‭ ‬تواصل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهدها‭ ‬بصفة‭ ‬متواصلة‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬دعم‭ ‬مسيرة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إنجاح‭ ‬كل‭ ‬مشاريعه‭ ‬التكاملية‭.‬

‭ ‬ولن‭ ‬تنسى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الوقفة‭ ‬الجسورة‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬بقيادة‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬مساندتها‭ ‬للتصدي‭ ‬للمحاولة‭ ‬الانقلابية‭ ‬الفاشلة‭ ‬التي‭ ‬خططت‭ ‬لها‭ ‬ودبرتها‭ ‬إيران‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬إذ‭ ‬أعلن‭ ‬بعض‭ ‬قادة‭ ‬التنظيمات‭ ‬الطائفية‭ ‬الذين‭ ‬أشعلوا‭ ‬الاضطرابات‭ ‬أن‭ ‬هدفهم‭ ‬هو‭ ‬قلب‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬وإعلان‭ ‬قيام‭ ‬جمهورية‭ ‬إسلامية‭ ‬تكون‭ ‬امتدادا‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭,‬‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬الخليجي‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬السعودية‭ ‬بإرسال‭ ‬قوات‭ ‬درع‭ ‬الجزيرة‭ ‬التابعة‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الى‭ ‬البحرين‭ ‬لمعاونتها‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬المنشآت‭ ‬الحيوية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬مما‭ ‬مكن‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬السلامة‭ ‬الوطنية‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬المؤامرة‭ ‬الانقلابية‭ ‬واستعادة‭ ‬الهدوء‭ ‬والاستقرار‭ ‬وإفشال‭ ‬المخطط‭ ‬الإيراني‭ ‬لإشاعة‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬الخليجية‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬وكل‭ ‬المتآمرين‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬أمن‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬هو‭ ‬‮«‬خط‭ ‬أحمر‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬السماح‭ ‬بالمساس‭ ‬به‭. ‬

‭ ‬ثالثا‭ : ‬الدائرة‭ ‬العربية‭ ‬والعالم‭ ‬الإسلامي

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بحكم‭ ‬أنها‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬ودينها‭ ‬الإسلام‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬توجهات‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬لتعميق‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬للبحرين‭ ‬والمشاركة‭ ‬بكل‭ ‬نشاط‭ ‬وفاعلية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬قضايا‭ ‬الأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭. ‬وتولي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬اهتماما‭ ‬خاصا‭ ‬بدعم‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬ونصرة‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬المركزية‭ ‬بهدف‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬للانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية‭ ‬العادلة‭ ‬والشاملة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشريف،‭ ‬وعدم‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتصرف‭ ‬وينطلق‭ ‬الموقف‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬تأييد‭ ‬التمسك‭ ‬بالمبادرة‭ ‬العربية‭ ‬لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬ودعم‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.‬

وفي‭ ‬الإطار‭ ‬العربي‭ ‬تؤكد‭ ‬البحرين‭ ‬أهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬ودعم‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ككيان‭ ‬مؤسسي‭ ‬جامع‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭,‬‭ ‬ورفض‭ ‬أية‭ ‬محاولات‭ ‬لتقويض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬كيانا‭ ‬وسيادة‮»‬‭ ‬لصالح‭ ‬مخططات‭ ‬خارجية‭ ‬مشبوهة،‭ ‬مع‭ ‬الإقرار‭ ‬بحق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭ ‬وتحديد‭ ‬خياراتها،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تنشط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬العربي،‭ ‬وتدعو‭ ‬باستمرار‭ ‬إلى‭ ‬تدعيم‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬باتجاه‭ ‬تعزيز‭ ‬إمكانيات‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العربي‭ ‬والسوق‭ ‬العربية‭ ‬المشتركة‭.‬

ويمتد‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬نصرة‭ ‬قضايا‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬والتصدي‭ ‬لمحاولات‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ظاهرة‭ ‬‮«‬الاسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬إظهار‭ ‬الوجه‭ ‬الحضاري‭ ‬للإسلام‭ ‬كدين‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬السلام‭ ‬والتعارف‭ ‬والتقارب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭.‬

رابعا‭: ‬الدائرة‭ ‬الآسيوية

يأتي‭ ‬اهتمام‭ ‬البحرين‭ ‬بالدائرة‭ ‬الآسيوية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تقع‭ ‬جغرافيا‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الآسيوية‭,‬‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬آسيا‭,‬‭ ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬لذلك‭ ‬أبعادا‭ ‬تاريخية‭ ‬وحضارية‭ ‬وواقعية‭ ‬ممتدة‭ ‬حتى‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭.‬

فبحكم‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬نتيجة‭ ‬العلاقة‭ ‬التعاقدية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬عام‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬1971‭,‬‭ ‬سعت‭ ‬بريطانيا‭ ‬إلى‭ ‬ربط‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬كافة‭ ‬بدرة‭ ‬تاج‭ ‬امبراطوريتها‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬وربط‭ ‬حركة‭ ‬التجارة‭ ‬الخليجية‭ ‬مع‭ ‬الهند‭,‬‭ ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تزايد‭ ‬حركة‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬باتجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الآسيوي‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬تجارة‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬وأوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬مصادرها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬قبل‭ ‬اكتشاف‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬الصناعي‭. ‬وكانت‭ ‬الهند‭ ‬ومدينة‭ ‬بومباي‭ ‬إحدى‭ ‬الوجهات‭ ‬الأساسية‭ ‬لتسويق‭ ‬اللؤلو‭ ‬البحريني‭ ‬هناك‭,‬‭ ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬بروز‭ ‬أنشطة‭ ‬موازية‭ ‬مثل‭ ‬الاتجاه‭ ‬إلى‭ ‬الارتحال‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬البحرينيين‭ ‬لأغراض‭ ‬أخرى‭ ‬بجانب‭ ‬التجارة‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والعلاج،‭ ‬واستمرت‭ ‬تلك‭ ‬التوجهات‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬اكتشاف‭ ‬النفط‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

وفي‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬ومع‭ ‬الطفرة‭ ‬النفطية‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭,‬‭ ‬حدث‭ ‬توسع‭ ‬في‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬الشرق‭ ‬الآسيوي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬المصدر‭ ‬الأساسي‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬وهي‭ ‬العمالة‭ ‬اللازمة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬العمرانية‭ ‬والصناعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الجديدة‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقات‭ ‬البحرين‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭ ‬وبنجلاديش‭ ‬والفلبين‭ ‬وسنغافورة‭ ‬واندونيسيا‭ ‬وماليزيا‭ ‬وغيرها‭.‬

خامسا‭: ‬تدعيم‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى

فرضت‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬وخاصة‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وليس‭ ‬البحرين‭ ‬فقط‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬المهتمة‭ ‬بأمن‭ ‬الخليج‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬وهذه‭ ‬القوى‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬امن‭ ‬المنطقة‭ ‬وتخفيض‭ ‬درجة‭ ‬التوتر‭ ‬والنزاعات‭ ‬فيها‭,‬‭ ‬لتظل‭ ‬شريانا‭ ‬لتدفق‭ ‬الإمدادات‭ ‬النفطية‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬وتقدم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

فهذه‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬كبح‭ ‬جموح‭ ‬التصرفات‭ ‬الاستفزازية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وردعها‭ ‬عن‭ ‬تهديد‭ ‬مناخ‭ ‬الامن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭. ‬وفي‭ ‬اطار‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬تم‭ ‬تدعيم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬وهذه‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬توجهات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للبحرين‭ ‬كانت‭ ‬المدرسة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‮»‬،‭ ‬أصدق‭ ‬مرآة‭ ‬للشخصية‭ ‬البحرينية،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بأنها‭ ‬عروبية‭ ‬براجماتية‭.. ‬فقد‭ ‬اتسمت‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬بسمات‭ ‬الكفاءة‭ ‬والولاء‭ ‬والجد‭ ‬وهي‭ ‬العناوين‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تعليمها‭ ‬لأبنائها‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬وفيها‭ ‬أيضًا‭ ‬كان‭ ‬الالتزام‭ ‬بالاعتدال‭ ‬والتحلي‭ ‬بالمنطق‭ ‬والواقعية‭. ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬التشنج‭ ‬والشعاراتية‭ ‬والعمل‭ ‬دون‭ ‬اندفاع‭ ‬ولكن‭ ‬بشجاعة‭ ‬حين‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬من‭ ‬الرصانة‭ ‬والرزانة‭ ‬وتجنب‭ ‬التصريحات‭ ‬الصاخبة‭ ‬او‭ ‬افتعال‭ ‬المعارك‭ ‬الفرعية‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬الرئيسية‭ ‬وطرق‭ ‬كل‭ ‬الأبواب‭ ‬لتحسين‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭. ‬وقد‭ ‬سار‭ ‬من‭ ‬تولى‭ ‬منصب‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬يحفظ‭ ‬للبحرين‭ ‬سمات‭ ‬دبلوماسيتها‭ ‬الهادئة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يشير‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬احمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭ ‬ومستشار‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬للشؤون‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬وأولويات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الخارجية‭ ‬تتسم‭ ‬بطابع‭ ‬المرونة‭ ‬وتخضع‭ ‬باستمرار‭ ‬لتقييم‭ ‬ومراجعات‭ ‬وإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬للأولويات،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تلتزم‭ ‬بثوابت‭ ‬رئيسية‭ ‬منذ‭ ‬انضمامها‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وإلى‭ ‬وقتنا‭ ‬الراهن،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬تأكيد‭ ‬سيادة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيها‭ ‬وحماية‭ ‬أمنها‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬وسمعتها‭ ‬الخارجية‭ ‬وترسيخ‭ ‬صورتها‭ ‬الحضارية،‭ ‬وتوطيد‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭ ‬وتطوير‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭. ‬وأوضح‭ ‬أيضا‭ ‬ان‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للبحرين‭ ‬تلتزم‭ ‬بتبني‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وترسيخ‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬الثابتة‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬كالسلام‭ ‬والتعايش‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الثقافات‭ ‬والشعوب،‭ ‬وضرورة‭ ‬تسوية‭ ‬كافة‭ ‬المنازعات‭ ‬الدولية‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية‭ ‬والتصدي‭ ‬للتهديدات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بأسره‭ ‬ومن‭ ‬أخطرها‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬بكل‭ ‬صوره‭ ‬وأشكاله،‭ ‬وسياسات‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لزعزعة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

أما‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الحالي‭ ‬الدكتور‭ ‬عبداللطيف‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬الزياني‭ ‬فيؤكد‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تتخذ‭ ‬سياسة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬خارجية‭ ‬وسطية‭ ‬ومتوازنة،‭ ‬تراعي‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمملكة‭ ‬وتكفل‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والازدهار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والإقليم،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬مصالح‭ ‬الوطن‭ ‬وحمايته‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬المتقدمة‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الصعد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭,‬‭ ‬وبمتابعة‭ ‬مستمرة‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭.‬

وأوضح‭ ‬سعادته‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الثوابت‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬عليها‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬الالتزام‭ ‬بقوانين‭ ‬الدولة‭ ‬والمعاهدات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬واحترامها،‭ ‬وبناء‭ ‬علاقات‭ ‬ودية‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية،‭ ‬وحل‭ ‬الخلافات‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينعم‭ ‬الجميع‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭.‬

وأضاف‭ ‬الدكتور‭ ‬عبداللطيف‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬الزياني‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬الثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬البحرينية‭ ‬تدعمها‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬التعايش،‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر،‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬والتسامح،‭ ‬والحوار،‭ ‬والانسجام‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬وهي‭ ‬قيم‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭. ‬ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مرتكزات‭ ‬أساسية‭ ‬تحرص‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬ترسيخها،‭ ‬ويأتي‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬إرساء‭ ‬أسس‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬العالمي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬الشاملة‭ ‬للبيئة‭.‬

عهد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬البحريينة

ومنذ‭ ‬إطلاق‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬مشروعه‭ ‬الإصلاحي‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة‭ ‬تشهد‭ ‬البحرين‭ ‬تجربة‭ ‬سياسية‭ ‬نموذجية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬كونها‭ ‬فتحت‭ ‬عهداً‭ ‬جديداً‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬البرلماني‭ ‬والممارسة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وإجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬الحرة‭ ‬النزيهة‭,‬‭ ‬وتشجيع‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬ورعاية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ومراعاة‭ ‬الحريات‭ ‬العامة‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬وبناء‭ ‬صرح‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬واحترام‭ ‬الدستور،‭ ‬وإقرار‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬الكاملة‭ ‬للمرأة‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬حق‭ ‬التصويت‭ ‬والترشيح‭ ‬والانتماء‭ ‬لجمعيات‭ ‬سياسية،‭ ‬وتمتعت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬باحترام‭ ‬عالمي‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬انتخاب‭ ‬البحرين‭ ‬لرئاسة‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ونالت‭ ‬السفيرة‭ ‬الشيخة‭ ‬هيا‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬شرف‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمعية‭ ‬كأول‭ ‬امرأة‭ ‬عربية‭ ‬تحظى‭ ‬بهذا‭ ‬التشريف‭.‬

وبذلك‭ ‬تساهم‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬معالم‭ ‬التحول‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كافة‭. ‬وبوصف‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بلداً‭ ‬عربياً‭ ‬إسلامياً،‭ ‬ويقع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬استراتيجية‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬حيوية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬انتهجت‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬محددة‭ ‬المعالم‭ ‬تتسم‭ ‬بالعقلانية‭ ‬والتوازن‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬واضحة،‭ ‬وهي‭ ‬سياسة‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬استمراريتها‭ ‬وتزداد‭ ‬إشعاعاً‭ ‬وتأثيراً‭ ‬في‭ ‬المحيطين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭. ‬وتنطلق‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬انتماء‭ ‬المملكة‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬ومسؤولياتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تدع‭ ‬البحرين‭ ‬سبيلاً‭ ‬لدعم‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬إلا‭ ‬وبادرت‭ ‬إليه‭.‬

من‭ ‬جانبه‭ ‬يشير‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬‭ ‬الشيخ‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬إلى‭ ‬بعد‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الدولية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تبلور‭ ‬مع‭ ‬دعوات‭ ‬ومبادرات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬بشأن‭ ‬أهمية‭ ‬تلاقي‭ ‬حضارات‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حوار‭ ‬جامع،‭ ‬يفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬رحبة‭ ‬للسلام‭ ‬والتعاون‭ ‬الإنساني،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬واحة‭ ‬للتعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬لجميع‭ ‬الديانات‭ ‬والفئات‭.‬

يؤكد‭ ‬الدكتور‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تؤمن‭ ‬بضرورة‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬السلام‭ ‬والتنمية،‭ ‬باعتبارهما‭ ‬صنوان‭ ‬متلازمان،‭ ‬حيث‭ ‬رسم‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭,‬‭ ‬استراتيجية‭ ‬متكاملة‭ ‬لمواجهة‭ ‬مخططات‭ ‬ومشاريع‭ ‬الفوضى،‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬إصلاح‭ ‬ذاتية‭ ‬مستمرة‭ ‬ومتطورة،‭ ‬تراعي‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الوحدة،‭ ‬وإتاحة‭ ‬وحماية‭ ‬الحريات،‭ ‬وتوحيد‭ ‬الكلمة‭ ‬والصف‭ ‬الوطني،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬البحرين‭ ‬أولا‮»‬‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬متوازنة‭ ‬ووسطية،‭ ‬ترسي‭ ‬مبادئ‭ ‬التسامح‭ ‬والمواطنة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬الشاملة،‭ ‬وإطلاق‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬شراكة‭ ‬جميع‭ ‬الفئات‭ ‬كالمرأة‭ ‬والشباب،‭ ‬وتأكيد‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬الإيجابي،‭ ‬لنشر‭ ‬السلام‭ ‬والرخاء‭. ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬نسق‭ ‬أمني‭ ‬إقليمي‭ ‬متوازن،‭ ‬وتحالف‭ ‬استراتيجي‭ ‬فاعل،‭ ‬يتكامل‭ ‬فيه‭ ‬الأمن‭ ‬والتنمية،‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬محاربة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬بمختلف‭ ‬أشكاله‭. ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬ختاما‭: ‬إن‭ ‬دبلوماسية‭ ‬البحرين‭ ‬تتسم‭ ‬بالحكمة‭ ‬والتوازن،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬تحظى‭ ‬باحترام‭ ‬وتقدير‭ ‬مختلف‭ ‬المحافل‭ ‬والدوائر‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية،‭ ‬حيث‭ ‬تميز‭ ‬سلوكها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬بمجهود‭ ‬متواصل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬لعب‭ ‬أدوار‭ ‬طليعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نهج‭ ‬سياسة‭ ‬متوازنة‭ ‬وفاعلة،‭ ‬تضع‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولوياتها،‭ ‬مبرزة‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الالتزام‭ ‬بأسس‭ ‬ومبادئ‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬متمسكة‭ ‬بضرورة‭ ‬تسوية‭ ‬كل‭ ‬المنازعات‭ ‬الدولية‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية‭ ‬وحظر‭ ‬استخدام‭ ‬القوة،‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬أراضي‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬استقلالها‭ ‬السياسي‭ ‬واحترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬ومنع‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬وحقها‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭,‬‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬متنوعة‭ ‬ومتنامية‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والتجمعات‭ ‬الكبرى‭.‬

عن محرر الموقع

شاهد أيضاً

تخفيض سعر الدولار ضرورة للعيش

كتب / ماجد زيدان… في الايام القليلة الماضية , اطلق اكثر من مسؤول في حكومة …