صُنّفت السمنة كمرض إثر تأكيد ارتباطها بأمراض صحية خطرة، مثل أمراض القلب، السكري، ارتفاع الضغط والكوليسترول، الاختناق الليلي، مشاكل حركية، أمراض نفسية، تشحّم الكبد، وبعض أنواع السرطان، وحتى تقصير العمر.
وعليه، أصدرت منظمات وجمعيات طبية عالمية بروتوكولات تحدد طرق وخطوات علاج السمنة، بدءاً من تعديل أسلوب الحياة، ثم الاستعانة بالعقاقير، وانتهاء بالعمليات الجراحية.
ويقبل الكثيرون على العمليات الجراحية، اعتقاداً منهم بأنها طريقة سهلة مضمونة للتخلص من السمنة، بيد أن الحقيقة والخبرة تؤكدان فشلها في تحقيق هذا الهدف على المدى البعيد، فالمقبلون عليها يغفلون هدفها الحقيقي، وهو مساعدتهم على تعديل العادات السيئة صحياً والتزامهم اتباع أسلوب تغذية وحياة صحي.
وبما أن كثيراً من الخاضعين لها يستمرون في اتباع عادات غذائية وحياتية غير صحية، فذلك سيؤدي إلى عودتهم إلى السمنة مجدداً. ونظرا لذلك، فالحل الأفضل والأمثل لعلاج السمنة يعتمد أولاً وأخيراً على الشخص نفسه (عبر اتباعه لنظام حياة صحي).
شرح د. يونس سالمين الحاصل على الدكتوراه في التغذية الإكلينيكية والصحة العامة، قائلاً: «مصطلح ريجيم يأتي من كلمة regiment بمعنى نظام حياة، وليس تغذية فقط. بيد أن الكثير اختزل مفهوم هذه الكلمة للدلالة على حمية غذائية، يتم اتباعها وقتاً معيناً (فترة قصيرة) إلى أن يصل الشخص إلى تحقيق هدفه (خسارة وزن) أو يصاب بالملل أو تنقضي المدة التي حددها مسبقاً. لكنه مفهوم خاطئ وترجمة غير صحيحة، حيث يفترض أن تدل على اتباع نظام حياة يركز على علاج الخلل والعادات الخاطئة لضمان عدم العودة إليها مستقبلاً وتعلم بدائل وعادات صحية مناسبة».
مسبّبات السمنة
1 – زيادة السعرات الحرارية في الأطعمة: هناك زيادة مطردة للمعلومات والعادات المتوارثة التي تجعلنا نتطبّع على اختيارات غذائية خاطئة، فمثلاً، يتطبّع الشخص على تكرار تناول الوجبات السريعة والحلويات والأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، لأنها تبدو كخيارات روتينية طبيعية مناسبة للجميع.
وعلى سبيل المثال، قبل 30 عاماً لم تتوافر أطعمه غنية بالسعرات الحرارية مثل البسكويت والكيك والكاكاو والوجبات السريعة، لكن اليوم ينشأ الطفل في بيئة توفرها بشكل روتيني ويتعود على تناولها، ما يؤدي إلى التعود على تناول فائض من السعرات الحرارية بشكل يومي.
2 – سوء تقدير الحصص الكافية للشخص: لا يكفي بأن الأطعمة غنية بالسعرات الحرارية، بل أصبحت أحجام الأطباق وحتى الحصص المقدمة والمعبأة أكبر من اللازم، فنتعود على هذه الأحجام، ونعتقد أن علينا تناول كامل الصحن أو مغلف الكاكاو أو كيس الشيبس أو البسكويت، بينما تكون الحقيقة مغايرة لذلك.
3 – انتشار معلومات تغذوية متناقضة وقلة وعي الأشخاص بنظام التغذية المناسب لهم وحجم الحصص الكافية.
4 – الخمول وقلة النشاط البدني اليومي وقلة التوعية بأهمية الرياضة وفائدتها للجسم.
الريجيم المناسب
لدى الغالبية مفاهيم خاطئة كثيرة عن الريجيم، لا تتناسب مع حياتهم اليومية أو الظروف التي يعيشونها، ما يعلل فشلهم في خسارة الوزن، رغم تكرار اتباعهم أنواعاً مختلفة من الريجيم.
وأكد الدكتور يونس على أن الريجيم المناسب المثالي ليس الذي يحقق خسارة الوزن فقط، بل الذي يعطي الشخص حلولاً وطرقاً لإصلاح الخلل الذي تسبب في زيادة الوزن مسبقاً، حتى نتفادى الانتكاسة وعودة الوزن مستقبلاً.
وشرح قائلاً: «من المهم أن يفهم تخصصي التغذية المشكلة ويحدد أفضل وأنسب طريقة لخسارة الوزن، فيجب وضع نظام يناسب أسلوب حياتك وشخصيتك، ويدربك على التغلب على نقاط الضعف وعدم عودتك إلى العادات الخاطئة (المسببة لزيادة الوزن). وأول خطوة لتخصصي التغذية هي إصلاح الخلل في المدركات والمفاهيم وتحديد نقاط الضعف، ثم يقوم بعدها بوضع خطة مناسبة تتماشى مع حياة الشخص اليومية حتى يمكنه اتباعها كأسلوب حياة دائم».
وأضاف أن تحديد الريجيم المناسب يعتمد على ما يلي:
■ حاجات الشخص من ناحية العمر والحجم والحالة الصحية والهدف أيضاً.
■ ما يناسب حياة الشخص والظروف المحلية التي يعيش فيها.
■ توفير معلومات وتثقيف كاف حتى يتمكن الشخص من التعامل مع أي صعوبات وعقبات بشكل سلس ويستمر في ممارسة نشاطاته العملية والاجتماعية بشكل مريح، فلا يشعر بالعزلة او الضغط النفسي.
■ تحديد خطة غذائية وسلوكية يمكن اتباعها طوال العمر دون تعب أو ضجر، ما يزيد فرصة خسارة الوزن وعدم عودته مستقبلاً.
فائدة المكملات الغذائية
يُستعان أحياناً ببعض أنواع المكملات الغذائية التي تلعب دوراً مسانداً أو ثانوياً في دعم نظام خسارة الوزن، لكن من المهم التأكيد على أن العامل الأساسي في خسارة الوزن هو وضع برنامج صحي واقعي، ثم يمكن الاستعانة ببعض المكملات الغذائية المساندة.
ويعتمد تحديد المكمل الملائم على المشكلة التي يواجهها الشخص أو يرغب في التخلّص منه أو علاجها. وبشكل عام، فمن أشهر أنواع المكملات الغذائية:
■ مكمل يساعده على الشعور بالامتلاء وكبح الشهية بشكل آمن وصحي.
■ مكمل يقلل التوق والاعتماد على مذاق الحلويات.
■ مكمل يعزز وينشط البكتيريا النافعة التي تزيد صحة الجهاز الهضمي وترتبط مع خسارة الوزن وتقليل الرغبة في تناول السكريات.
■ مكمل غذائي يساهم في تقليل امتصاص الدهون أو الكربوهيدرات.
وأضاف الدكتور: «من المهم عدم الاستعانة بأي مكمل عشوائي أو خلطات عشبية غير معروفة أو لم يتم التصريح باستخدامها طبياً، ويجب قصد طبيب متخصص حتى يصف المكمل المساعد المناسب لكل حالة ويحدد الجرعة المناسبة أيضاً».